1 آذار 2023 12:00ص اختلاف وتناقض

حجم الخط
ليس جديداً الاختلاف في وجهات النظر والتناقض بين الأدباء والمفكرين، وهو من الأمور الطبيعية التي قرأناها وعشناها على مدى الزمن وما هي إلّا عيّنة التي تبرّر الصراع ولكن ضمن الأطر العلمية والموضوعية والمناخات الأدبية الإيجابية.. من الطبيعي أن تغني تاريخنا، مثل هجاء المثلث الأموي المتبادل بين الأخطل والفرزدق وجرير، وفي عصرنا الحديث بين توفيق الحكيم وعباس محمود العقّاد وغيرهم كثر..
أحياناً نستغرب أن يتدنّى مستوى النقد والتناقض بين من خيولهم الكلمات العابقات بشذى الورود وسيوفهم لمعان الشمس على ماء ترقرق عند الظهيرة.. وسهامهم لواحظ نساء لا يُشبهن النساء وحروبهم مستمرة من أجل بلوغ قمة الحب والإبداع.. هذه الصورة المطبوعة في خيال الأجيال المتعاقبة ترفض الصراعات العبثية وترفض التشرذم، ومع المنافسة الشريفة، لأن الأديب ليس حرّاً في تيئيس الناس، بل عليه أن يمتشق سيف الكلمة ويرفض وهو سيّد الأشواق..
صحيح إن الناس بطبعها تحبّ التعطير والتبخير، رافضة النقد حى ولو ارتكز على المقاييس المعمول بها والمتفق عليها، وأذكر هنا حادثة فريدة من نوعها حين دعت إحدىالأندية الثقافية مجموعة من أهل الأدب والعلم لمناقشة كتاب أحدهم، أصغى المؤلف الى النقد الموضوعي بكل محبة وتقدير، الى أن اعتلى المنبر (أحدهم) وراح يوجه سهامه الى أفكار لا يتضمّنها الكتاب.. لحظتئذٍ انبرت شاعرة وسألته: «هل قرأت هذا الكتاب؟» فأجاب بسرعة وبزلّة لسان منه: «نعم بضع صفحات»، صمت الرجل وخرج مسرعاً لأنه لم يستطع إخفاء حسده الذي بنى على أساسه رأيه!!
النقد الموضوعي مقبول ومطلوب.. النقد البنّاء هو الغاية والمُنى.. النقد العلمي المقيّد لا أحد يعترض عليه، لأن الجميع مع الغاية المنشودة من نقد الذي يقوم بدور المنارة للسفن التائهة وهو الذي يقودها الى ميناء الحقيقة التي تعطي نورها لمن يستحق..