بيروت - لبنان

اخر الأخبار

26 كانون الثاني 2018 12:12ص الآثار المنهوبة!..

حجم الخط
وجدت السرقة منذ تأسيس المجتمعات البشرية الأولى على ضفاف الأنهر، وباتت حالة موجودة في كل المجتمعات دون استثناء..
لكنها على مستويات..
فالفردية منها يعالجها القانون والأمن بما يتوجّب وبما تنص عليه قوانين العقوبات...
لكن هناك سرقات كبرى من نوع آخر..
سرقات لا يطالها القانون أو حتى لو وجد لا يجرؤ على التعرّض لها من قريب أو بعيد..
نصل بعد هذا إلى سرقة الآثار أو بالاحرى سرقة التاريخ وسرقة التاريخ هي سرقة الأمة... وامة دون تاريخ ليست بأمة..
ما دفع إلى هذه الكتابة معارض تقام في عواصم أوروبية وفي الولايات المتحدة الأميركية معروضاتها آثار إسلامية وعربية أو في الأرض العربية لمراحل سابقة..
فما الذي اوصل هذه الآثار إلى تلك العواصم وتلك الصالات وبيعها بأثمان خيالية كون من يشتريها يُدرك القيمة التاريخية لها..
الناظر منا والعارف بقيمة هذه المعروضات التي معظمها بالمزاد يكون كالذي ينظر إلى موجودات منزله المسروقة منه... «وعلى عينك يا تاجر».
عصابات منظمة بكل ما في الكلمة من معنى يجب ان تكون وزارات الثقافة العربية أو الهيئات المهتمة والمختصة على علم بوجودها عصابات تنسق ما بين السلاح المنتشر والشاحن والتاجر ومواطن باع ضميره الوطني والقومي بالمناقصة وليس بالمزاد.
هذه العصابات هي التي اوصلت هذه الثروات القومية إلى هناك لتتحول إلى سلعة يعلو ثمنها ويهبط.
المهم هنا ان التاريخ نفسه هنا يتحوّل إلى سلعة..
فالامة التي لا تحسن الحفاظ على تراثها هي حكماً لا تحسن المحافظة على حاضرها ومستقبلها..
سوف يقال الآن ان جهود بعض وزارات الثقافة العربية قد اثمرت باستعادة آثار كثيرة.
لكن ما استعيد هو مجرّد «عينات» وفقاً لكثافة ما يعرض الآن في الخارج..
هذا الظاهر حتى الآن والآتي أعظم..
كلنا نتذكر الضجة التي اثيرت بعد دخول الجيش الأميركي إلى العراق والاخبار المتواترة عن السرقات المنظمة والضخمة للآثار، تلك الاخبار التي حركت «اليونسكو» ولكن إلى ماذا اوصلت؟!..
إلى ما نراه في صالات الخارج اليوم..
ولو كان الأمر مقتصراً على العراق لكان نصف مصيبة فالبلد بقضه وقضيضه قد تمّ سلبه فهل نحصر الكلام في الآثار؟....
ولكن المعروض في الخارج يوحد الأمة التي تعذر توحيدها حتى الآن... يوحدها سلباً..
فالمسروقات تشمل كل الأرض العربية من المحيط إلى الخليج ويلعبون هناك لعبة «التعمية» فيحددون مصدر الآثار بـ (ما بين النهرين) (الشرق الاوسط) (شرق المتوسط).. إلى آخر التسميات التي برأيهم ترفع المسؤولية الجزائية..
ولكن الأمر مكشوف تحت الشمس..
فالاشوري والحثي والكلداني والإسلامي من العراق والفرعوني والإسلامي من مصر والفينيقي والإسلامي من لبنان وسوريا... وهكذا دواليك... فالاثر موجود.. والمصدر معروف.
والسؤال هو كيف وصلت هذه الكميات الضخمة من الآثار إلى هناك والتي بدأت تظهر بالتدريج؟!..
فهل كانت مهمة الجيوش الغازية والمحتلة والمنتدبة في بلادنا هي السرقة بالإضافة إلى كم الأفواه والهيمنة على الموارد؟..
هذا هو الواقع الآن، فما الذي يُمكن عمله؟.
إذا اعتمدنا على وزارات الثقافة العربية والهيئات المختصة لاستعادة حقنا نكون عازمين على القتال بسيوف من خشب.
الحل هو في اجتماع ثلة من اثرياء العرب المتوافرين بكثافة والحمد لله وان تنظم حملة مشتريات لهذه الآثار وفتح باب شراء ما هو مخفي منها حتى الآن، وتأسيس متحف عربي مشترك يضم كل هذه الآثار تحت اشراف هيئة معينة.
شرط ان لا تبيعه بالجملة...