بيروت - لبنان

اخر الأخبار

31 أيار 2023 12:00ص الأدب لمن؟

حجم الخط
سؤالٌ عمره من عمر الإنسان والإبداع.. سؤالٌ ما زال يُطرح على مرّ العصور والأزمنة ويلقى الإجابات المختلفة والآراء المتناقضة التي تتضارب وتتنوّع حول صياغة مفهوم موّحد للأدب، وهذا سنّة من سنن الحياة وناموس من نواميسها.. صحيح ان الاختلاف حول مفهوم الأدب حالة يفرضها التطور المستمر للإنسانية، إلّا ان المتفق عليه هو إن الأدب مرآة تعكس الواقع الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لمجتمع ما في زمن ما، والإنسان هو الغاية والهدف لأنه المتلقّي الأول والأخير، وحكمه على نوعية النتاج الأدبي قد يخلّده أو يُهمل ويضيع.. لذا من الضروري أن لا يحصر العمل الإبداعي نفسه «بأنا» الفرد دون التفاعل مع نحن وهم، وإلّا خسر دوره الفاعل وخسر المبدع صفة الشاهد والمحرّك، وهو الذي ميّزته الطبيعة والموهبة عن سواه بالحسّ المرهف، ومن أولى واجباته أن يتطلّع وأن يسعى الى تحقيق الآمال والأهداف التي يصبو إليها الجمهور والتي تحرّك مشاعره وتحقق أمانيه وأحلامه في الحرية والعدالة والتقدّم، وقد وضّح ذلك «دوماس الابن» فحدّد المسؤولية الكبيرة الملقاة على عواتق الأدباء والفنانين معتبراً ان السلبية والإنزوائية من الأمراض التي لا تمتّ بصلة الى المبدع الأصيل، فيقول: «كل أدب لا ينزع الى المساهمة في تحقيق الكمال الإنساني، والى نشر المناقب الأخلاقية والى المثال الأعلى، أيّ الى ما هو مفيد وجودياً، يكون أدباً كسيحاً ومريضاً، لا بل يولد ميتاً»، كل هذا يعني ان الحياد في القضايا التي تمسّ حياة الإنسان أمر مرفوض، كذلك الاستغراق في الأنانية.. الشاعر الفرنسي فيكتور هيغو يوضح الأمر بقوله: «الفن للفن جميل، لكن الفنّ للتقدم أجمل.. المسرح منبر، والشاعر مسؤول عن نفوس، وهو يعي مسؤوليته ولا يريد أن يفسح المجال للجماهير أن تطالبه يوماً بأداء حساب عمّا يكون قد علّمها إياه» لأنه يعي أهمية وظيفة الأدب وسائر الفنون لأنها تخصّ الإنسان والمجتمع ودورها في غاية الأهمية، والمبدع ليس معفى من المشاركة في الصراع بل يجب أن يكون في مقدّمته.