بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 كانون الأول 2022 12:00ص الأصدقاء والمال

حجم الخط
أثرى إنسان ليس ذاك الذي ما برح يحتفظ بأول دولار جناه في حياته، وإنما هو ذاك الذي ما فتئ يحتفظ بأوفى صديق. والأولى بنا ألا نقول «لقد أعرت أحدهم مبلغا من المال» بل «لقد أعرته أذنا صاغية أو اهتماما أو التفاتا أو انتباها»، و«أعرت المسألة أهمية قصوى». الأولى أن نقول: «لقد أعطيته» الثقة والمشورة والمثل الصالح والرأي السديد عن طيب خاطر وفي أجواء من السعادة. انه العطاء المجاني الذي نغدقه على الآخر في محبة وإخلاص.
الغني غني بأصدقائه المخلصين. وهل يعلم الأغنياء من هم أصدقاؤهم؟ الرفاه قد يفضي بنا الى اكتساب العلاقات لا الى تكوين الصداقات. من المناسب أن نكون أغنياء أو أقوياء، ولكن من الأفضل أن نحظى بحب الأصدقاء. الأولى بنا أن نلقى أصدقاء حولنا من أن نلقى المال، وألا يكون أصدقاؤنا أفقر منا أيضا. في أوقات الضيق ينبري الصديق الوفي يفيدنا أكثر من المال الوافر. والثابت في مجتمعاتنا انه إذا ما أثرى أصدقاؤنا تضاعفت تكلفتهم بالنسبة إلينا!
بين المال والأصدقاء، أوثر الأصدقاء، وبين الأصدقاء والحقيقة أرجّح كفّة الحقيقة.
ثمة تدرّج ثلاثي نشهده على التلفاز مثلا. فعلى الشاشة الصغيرة صور أشخاص أكثر من سرد أحداث، وسرد أحداث أكثر من تركيز على الفكر والمثل العليا. يتقدم الأشخاص على الأحداث وهذه على الأفكار! هكذا يتصدر صدر سيدة متصابية التلفاز أكثر من حدث صدور كتاب، وصدوره في ذاته يتقدم على مصادره الغنية ومضامينه المثرية ومبناه القشيب.
لا شك في انه ما زال لدينا عباقرة مبدعون، ولكن، ما حياة الإنسان عندنا سوى صراع مستديم أساسا بين أشخاص. الإنسان بأصغريه: قلبه ولسانه. لكن، من ذا الذي يفسر لنا ماهية الخلق التي هي نوعان: موات وذو حياة؟ من لي بأجنحة النسر فأطير إليك، يا ينبوع كمالي؟

أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه