بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 كانون الثاني 2020 12:12ص الشتات

حجم الخط
بدأت الهجرة من لبنان إلى الخارج أواخر القرن الثامن عشر وانتشر اللبنانيون في أصقاع كثيرة من العالم، وكان الأمر طبيعياً من خلال توجّه إنسان العالم الثالث الذي كان معظمه تحت الاحتلال الغربي إلى مصادر أسواق العمل وتحصيل الرزق خصوصاً بعد أزمة الحرب العالمية الأولى وما سبقها وتخلّلها...

في ذلك الوقت كما سبق القول كان الأمر طبيعياً، لكننا اليوم انقلبت الحالة إلى ما هو غير طبيعي. فالهجرة اليوم معظمها من عنصر الشباب الذي أنهى دراسته الجامعية واصطدم بجدار سوق العمل مما اضطره للتوجّه إلى الخارج سعياً وراء العمل والانتاج مع ترحيب الأماكن المقصودة بهذه الطاقات التي وصلتها جاهزة دون أي كلفة على تربيتها وتعليمها واستثمار طاقاتها لمصلحة البلد المضيف.

ولكن ما تعني هذه الظاهرة؟؟..

ماذا تعني بعد أن ازدادت كثافتها إلى حدود غير طبيعية، فلو أجرينا إستفتاء في أي جامعة من الجامعات وللطلاب المتفوّقين في دراستهم لتبيّن لنا ان معظمهم قد صمّم على الهجرة بعد إنهاء اختصاصه وذلك لإنعدام سوق العمل في لبنان.

وهل يعني ذلك إلا عبارة واحدة هي «خسارة وطنية» فبدلاً من إستثمار هذه الطاقات الشابة في إطار نمو الوطن واقتصاده ورفع مستوى النواحي الاقتصادية والثقافية.

والمشكلة ان الطالب المهاجر بعد استقراره في الغرب القريب أو البعيد سرعان ما يتأقلم ويماشي المجتمعات المضيفة بعد أن احتفظ في ذاكرة خزين جيد نتيجة للمعلومات التي استقاها عبر وسائل التواصل، وتتمّ الخطوة التالية بالزواج من امرأة من البلد المضيف والحصول على جنسيته...

والمهم ان الروابط مع الوطن الأم تبدأ بالتحلّل لتصل في درجة ما الى حد الزوال...

وهذا يتطلب سؤال هام..

من المسؤول عن ذلك؟..

أليس النظام القائم في الوطن والذي لا يملك أية إستراتيجية تعني هذه الشريحة من مواطنيه التي من المفروض أن تشكّل أسس التطوّر الوطني في كل مناحيه...

ليس من هيئة في مؤسسات الدولة تضع ذلك في اهتماماتها على الرغم من أهميته.

وهذه ناحية نستطيع من خلالها فهم بعض ما يجري على الأرض من حراك شبابي اصطدم كما قلنا بجدار سوق العمل الذي يبدو صلداً إلى مدى غير منظور.

وعليه من غير المتوقع توقّع هذا الحراك في فترة قريبة كون الأسباب الموجبة لا تبدو لها بشائر على الصعيد العملي اللهم إلا وعود قد يتطلّب تنفيذها عشرات السنين.

هو الشتات بعينه...

 إلياس العطروني