بيروت - لبنان

اخر الأخبار

8 آذار 2022 12:00ص الفنان التشكيلي منير العيد لـ«اللواء»: يجب على الفن أن يوصل رسائله لنمنع الحروب

حجم الخط
تتوهج ألوان الفنان «منير العيد» (Mounir Alied) فتشتعل بقوة انفعالية تثير الكثير من القضايا الإنسانية في أعمال تترجم الحركة في الألوان النابضة بالحياة، وفق تدرّجات تعلو وتنخفض تبعا للمواضيع التي يتناولها. إذ يمنح الشخوص قدرة تعبيرية يشحنها بالعناوين الاجتماعية، كالجنس والحب والحرب، فيوحي بالعديد من الجوانب الجمالية القادرة على خلق المحاكاة التشكيلية، الناشطة بصريا ذات التدرّجات المختلفة مضمونيا وأسلوبيا، من أجل تحقيق قيم الجمال.. هو فنان ومعلم فنون سوري من مواليد 1962، درس في كلية الفنون الجميلة جامعة دمشق وتخرّج منها، قدّم دورات ودروس في مراكز مخصصة للفنون الجميلة، مع لوحات بيعت في الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية والهند وفرنسا وروسيا والولايات المتحدة الأميركية وفي الخليج العربي ولبنان. حاصل على جائزة المزرعة المرتبة الثانية عام 2002.. وحاصل على القلادة الذهبية عام 2015 من مهرجان التشكيل العربي في دبي. مع الفنان التشكيلي «منير العيد» أجرينا هذا الحوار...

{ تثير جدلية تشكيلية من خلال ما تمثله كل لوحة من بهجة وغرابة لواقع يفارق الواقع، كيف تفسر ذلك؟

- إذا كان الفن سيقدّم الواقع كما هو فهو لا يقدّم جديدا ولا يقوم بوظيفته من حيث الإبداع والابتكار والغرابة. الفن يتجسّد من خلال المبالغة والتحوير والاختزال، ليوصل الفكرة للمتلقّي وتؤثّر به، وهذه الغرابة تصنع دهشة عنده، وتجعله ينجذب للعمل الفني، خاصة ان المتلقي يتلقّى الكثير من وسائل الضخ الفكري والثقافي والهموم الحياتية التي تجعل انجذابه للعمل الفني أصعب، وهذه المبالغة والإبداع والابتكار بالفن هي ما أنتجت المدارس الفنية العديدة (الواقعية، الكلاسيكية، الانطباعية، الرومانسية، الوحشية، السريالية، التجريدية)، ومطلوب الفرح والبهجة بالعمل الفني حتى يكون محبّب للمتلقي ويعطيه طاقة إيجابية وتصل رسالته بسلاسة ويكوّن قبولا له...

{ أوقفوا الحروب وليونة في الخطوط والألوان، كيف تذلل صعوبات رسم الواقع وتمنحه لونا إنسانياً مختلفاً؟

- من المؤكد أن العمل الفني يحتاج للكثير من الصبر والتفكير، وأغلب الأفكار تتجلّى خلال العمل، وأصعب ما نواجهه هو اللوحة البيضاء. يكفي أن تضع بعض الخطوط حتى يبدأ تولد الأفكار، ويأخذنا العمل الفني لاتجاهات لا نتوقّعها، وهذا لا يختلف عن الكاتب أو الموسيقي الذي يؤلف مقطوعة موسيقية، وإنسيابية الخطوط حتى تعطي راحة للعين، وتعطي قوة للتكوين وتؤدي الهدف بطريقة محببة... الجمال لا يتفاعل ولا ينطلق إلا بمناخ يسوده السلام والهدوء، وهل هناك جمال بالحروب؟! وأنا أرى ان الفن يساهم بشكل فعّال بصنع السلام والأمن، ويرفض كل أشكال الحروب والظلم والجهل..

{ الفنان منير العيد بين الفنتازيا والواقع هل تبحث عن السلام أم عن الجمال فقط؟

- الفن من ضمن وظائفه هي المعالجة، والطبيب يعالج الجسد، والفن يعالج الروح. مرة زارني زوجين قال لي الزوج: جئت الى معرضك غصباً عني (كون زوجته طالبتي) لكني سأذهب من معرضك غصباً عني... إذا الفن أثّر به وحسّن مزاجه وأعطاه وجهة نظر أخرى للحياة.. الوجوه هي إنعكاس للحالة المجتمعية، والفنان يصعب عليه أن ينفصل عن واقعه، وهو يتأثر بما يسمع ويرى من مشاهد حزن أو فرح.. في النهاية الفنان مرآة للواقع إذا أراد أن يكون صادقاً..

{ تتميّز الألوان بالقوة والتوهج، وكأنها حارّة رغم برودة بعض الألوان بطبيعتها، لماذا تمنحها هذا التوهج؟

- للون طاقة وأقصى طاقة للون هي اللون نفسه، وهو أداة مهمة بيد الفنان يسخّره ويوظّفه لخدمة عمله الفني، واللون أيضا يساهم بصنع الدهشة عند المتلقي، حياتنا تتطور بشكل متسارع والعقد الذي مضى كان مليء بالأحزان والمآسي، خاصة على صعيد وطني سوريا، من المؤكد أنه يجب أن أقدّم أقصى طاقة للون، لكي يعبّر عن أقصى طاقة تعبيرية لإيصال رسالتي مع المبالغة بالوجوه، لتزيد التعبير وتوصل الفكرة بشكل أسرع للمتلقي.

{ طرحت في رسوماتك أكثر القضايا تشغل الإنسان: الجنس، الحب، الحرب.. ألّا تخاف من رفض المتلقي لذلك؟ ولماذا هذه الثلاثية تحديداً؟

- الحب والحرب والجنس ثلاثية تركت أثراً بعيداً بحياتنا، بل هي الأهم والمؤثر الأكبر على مرِّ العصور، وقد استهلكت أعمارنا وليست هي موقف عابر يمرّ بل مستوطنة بحياتنا ومؤثّرة وتتجلّى بالفن ولا مناص من طرحها بالأعمال الفنية. ويجب على الفن أن يوصل رسائله لنمنع الحروب، ونهذّب الجنس ونسمو بالحب لدرجة التفاني، وكأن الاثنان واحد. وهذا ما حاولت أن أقدّمه بهذه التجربة المتواضعة.