بيروت - لبنان

اخر الأخبار

18 تشرين الأول 2023 12:00ص الكتابة

حجم الخط
الكتابة الأدبية مرآة للتجارب النفسية في مختلف ألوانها وصورها، وهي بالتالي، الإندفاق والبوح بخلجات النفس، ومن الضروري أن تكون هذه الكتابة صدى لهمسات تجدّد الأصداء وتنشر النشوة في النفوس عن طريق الإيحاء الخيالي واللفظي وفي جوّ من الموسيقى البعيدة المرامي.. وهكذا من خلال الضباب ومن وراء الإيحاء تتراءى الحقائق، فتتدفّق العبارات والكلمات والألفاظ بسلاسة وعذوبة، فترقّ إذا رققّتها وتشتدّ إذا شددتها.. وفي هذا المقام علينا أن نتذكّر وأن نذكر بأن «الكلام كائن روحه المعنى وجسمه اللفظ» كما قال الأديب أحمد حسن الزيات، ونحن حين نقرأ هذا الكلام من الضروري أن نشعر بشيء ينساب إلينا منه، فيدغدغ حواسنا خاصة حين يستخدم الكاتب العبارة القصيرة وهي علامة الرشاقة، والرشاقة علامة الحياة، بالإضافة الى جمال الفكرة في جدّتها وطرافتها وابتكارها وروعة الأفكار التي تناغمها، كما يجب أن تمتاز بالإتقان ووضع الكلمة في موضعها، كما يجب أن تكون العاطفة صادقة وعميقة لأنها تتناول عالم الإنسان وأحواله، في إنطلاقات تفكيره وإحساسات شعوره وفي آلامه وأماله ومشاكله الاجتماعية وفي علاقاته الإنسانية حتى مع الذين يناصبونه العداء...
وعلى الكاتب أيضاً: «أن يجعل الكلمات الجامدة تنبض بالحياة وأن يجعل الألفاظ تهتزّ تارة كالأوتار وتولول طوراً كأمواج البحر العجّاج، وتهمس حينا همساً عجيباً»، كما قالت الأديبة مي زيادة، أما البلاغة فلا تفصل بين العقل والذوق ولا بين الفكرة والكلمة ولا بين المضمون والشكل، أما التجديد في الشكل والمضمون، فهو قدر المتعاطين مع الكلمة، وهنا يكمن الإبداع الحقيقي، والحداثة في عصرنا هذا، هي رؤيا ونظرة ولنقل تطوّر طبيعي وقد لمسناه في الشعر مع صفوة من الشعراء أثبتت وجودها، لم ترفض القديم ولكن موشحات الأندلس وجديدها ساعدها على الانطلاق وكما قال أوجين أونسكو: «كل أدب جديد هو عدائي.. لأنه يُقلق ما اعتاد عليه الناس».