بيروت - لبنان

اخر الأخبار

28 كانون الأول 2018 12:04ص «بروبوغندا» الإبداع

حجم الخط
بالصدفة وفي حوار اذاعي مع أحد الزملاء سمعته يتحدث عن ظاهرة بدت واضحة في معرض الكتاب العربي الذي أنهى فعالياته منذ أيام الا وهي ظاهرة الغزارة في توقيع الكتب خلال أيام المعرض، وركز في كلمته على هشاشة من يكتب من كتب وعلى الضجيج الإعلامي الذي يتبع خروج هذا الكتاب إلى النور بحيث يحول الهشاشة إلى دسامة.
موضوع ساخن... ويعني الكثيرين.
بداية ليس من قانون أو عرف أو تقليد أو ما شابه يمنع أحداً من الكتابة فهذا أمر مرتبط بالحرية الشخصية، خصوصاً وان العادة جرت منذ مُـدّة على ان الكاتب يتحمل مصاريف طباعة كتابه مع وجود اسم دار النشر عليه.
لكن الحاصل ان هناك أسماء تولد من الفراغ وتجد من يقف خلفها وغالباً ما يكون «جوقه» مع سطل البويا ومبخرة البخور وقصائد مدح واطناب في المؤلف الذي قلّ نظيره وندر مثاله.
تسمع تفرح... تقرأ تحزن.
المبدع لا يولد كالسكتة القلبية.
هناك ارهاصات ومعاناة ومحاولات وعملية بناء تدريجية تطول أو تقصر ولكن لا بدّ من حصولها في عملية بناء توصل إلى ولادة نتاج يستحق القراءة والاستفادة منه.
الموضوع الذي تطرق إليه الزميل في حديثه الإذاعي لطالما تطرقنا إليه كتابياً ومن خلال الندوات التي شاركنا فيها والمداخلات التي ازعجت الكثيرين.
ولكن لا صرخة الزميل ستفيد... ولا ما نقوم به سينفع.
والسبب يكمن في «منافخ الابداع»، ومنافخ هنا جمع منفخ أو منفاخ وعادة ما يكون في الإعلام الثقافي والآن في مواقع التواصل الاجتماعي نقول ذلك بأسف لأن ذلك يحدث حتى في بعض المؤسسات أو المراكز الثقافية صاحبة التاريخ العريق.
نستغرب كيف تتم الدعوة من قبلها لحضور مناقشة كتاب فلان، أو ديوانه، وفلان صاحب الكتاب عادة ما يكون على انتمائها السياسي أو غيره!.. أو ان ذلك يتم بناءً على توصية ما من جهة ما.
وتكرّ السبحة ويتكرر الاسم على الصفحات الثقافة وفي الإعلام المسموع واحياناً المرئي وفي زوايا الاسبوعيات.
ومع مرور الوقت يصبح مألوفاً... ويتم التكريس.
المسؤولية الأدبية هنا كبيرة، فالنص لا علاقة له البتة بعلاقات صاحبه الاجتماعية أو السياسية أو غيرها.
النص حرٌ، مستقل، اما ان يفرض نفسه من خلال جودته ومستواه لنشره أو يكون مصيره سلّة المهملات.
هو نوع من أنواع امتحان الضمير المهني وإعطاء كل ذي حق حقه، لكن ما العمل مع الشلل إياها التي تشكّل نوعاً من أنواع المافيات الثقافية المنظمة. كم من فحول شعر لا نرى لهم اثراً على هذه الصفحات لأن الاباطرة غير راضين على الصعيد الشخصي عنه.
«فيتو» ظالم ولا نستطيع ذكر أسماء حفاظاً على الكرامات والمقامات.
لكنه الواقع الأليم... واقع «المنافخ الابداعية» التي غالباً ما يؤدي نفخها إلى انفجار المنفوخ... وليت ذلك يحصل دائماً...