بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 أيار 2022 12:00ص حول برامج «ترفيهية»!

حجم الخط
من البرامج «الترفيهية» المتكاثرة والمتزامنة، ما يُبسط على شعبنا من اسبوعيات سطحية في المضمون وتجميلية في الشكل.
لا تستطيب هذه البرامج العيش إلّا بحضور المرأة الجميلة أو المتصابية لإدخال الفرحة إلى قلوب الرجال.
حتى الرجال تتجلّى أطوارهم غريبة عجيبة، لا تستقرّ على حال واحدة.
تتألق نساء خليعات غايتهن من الحياة التبرّج والتزيّن وإخضاع القلوب لا العقول. المرأة هنا مخلوق ماكر لعوب، قلّما تهزّه المشاعر النبيلة، ونادراً ما تعرف الرحمة إلى قلبه سبيلا. وشرُّ ما في هذه المرأة، انها تقرن العطف بالرياء، والسماحة بالدهاء، فمرضها خبيث لا تجد له دواءً إلّا في التمرّد وحب السيطرة على أكبر عدد ممكن من الرجال والنساء أيضاً!
هناك امرأة أراها مغرورة بنفسها وجمالها. وهذا الغرور يعرفه الرجل الى جانبها حق المعرفة، ويعرف كيف يرميها في شركه، ويقيّدها بحبائله، ليقوى على اخضاعها لمشيئته. تؤكّد انها جميلة وذكية، والرجال بقربها يؤكّد معها انها في منتهى الحسن والذكاء، ويزيدها غروراً، بالتملّق وإطراء محاسنها، حتى تفقد سيطرتها على نفسها، فتتخاذل أمامه، وتجثو له في النهاية، عملاً بالقول المأثور: «ان أذنَ المرأة، أقرب طريق الى قلبها». فعجزُ المرأة عن فهم حقيقة ذاتها، يؤدي بها الى عجز عن فهم حقيقة نيّات الرجل، الذي يتملّقها ويغالي في وصف سحرها وفتونها، ليصل الى ما يريده منها.
عدد كبير من المذيعات والمشاركات في البرامج الترفيهية، تراهن متكبّرات يزعمن ان الحسن واللطف والفهم والأخلاق العالية، مجتمعة كلها في شخصهنّ. وهكذا أقول كيف يراهن أصحاب القنوات التلفازية ومعدّي البرامج ومقدّميها.
كل هذا «الترفيه» يتسرّب إلينا بلا استئذان عبر الشاشة الصغيرة. وان ندرة المواهب، والغرور وضعف التجارب والزبائنية والسقوط في حمأة تقليد الغربيين الأعمى... يفسح في المجال أمام جهلاء وسفهاء حقيقيين، يفتنون في ضلالاتهم وسفاهتهم وبذاء ألسنتهم. ينفثون في سمعك أقوالا يظهرون لك فيها شيئاً ويضمرون خلافه. يشوّهون بجهلهم قواعد النقد الفني والأدبي الأصيل والمتجدّد على السواء!
لكم يُشرأب قلبي الاشفاق على أحدهم لا حضور له ولا واقع لكلامه وتفكيره ضحالة بضحالة واغترار بنفسه، يسطو على آراء في النقد لم يهضمها أو يتمثّلها.
يخطو «معدّ» البرنامج الترفيهي و«مقدّمه» وهو محاط بزواره متطاولاً متقاصراً ويروح المشاهد يحاول أن يقفوَ أثره إنما عبثاً، يجيل الفكر في ما آلت إليه حال الفن والأدب والنقد في وطننا: من ركود حركة، وفساد فطرة، وضحالة فكر، وخطأ فهم، وغلبة سفه!
يشتدّ بي الحزن ويلوع قلبي الهمّ على مصير أدبنا وفنوننا، وموقف «أدبائنا الجدد» الخاطئ من جيلنا، فيتمثَّل في خاطري للتو واللحظة بيت للأخطل الصغير يروقني انشاده فأردّده بيني وبين نفسي:
سكتنا فما غرَّدَ العندليبُ
وتُبْنا فما صفَّق الجدولُ
أستاذ في المعهد العالي للدكتوراه