بيروت - لبنان

اخر الأخبار

11 تموز 2023 12:00ص د. حسين كنعان: سوسيولوجيا الليبرالية الأميركية

غلاف الكتاب غلاف الكتاب
حجم الخط
نحن اليوم، أمام إشكالية كبرى: كيف تتكوّن الرؤى السياسية؟ وكيف يتكوّن النظام السياسي؟ وما هي المسارات التي تتبعها الأنظمة في ظل وجود ليبرالية قوية مسيطرة على الدولة، وعلى البلاد، ناهيك عن الأزمات التي يتعرض لها الرؤساء، فتعيقهم أو تريحهم، في تنفيذ برامجهم التي يجدّون فيها، البرامج والإنجازات الطموحة، خلال فترة توليهم الحكم، وما سيكون لذلك من تبعات فيما بعد، على الصعد الإقتصادية والإجتماعية والصحية والتربوية. وكذلك، ما الإنعكاسات العامة على البلاد، وعلى المسار السياسي الليبرالي، الذي هو النهج المحتذى لسنين طوال؟
تجربة الدكتور حسين كنعان، (نائب حاكم مصرف لبنان سابقا)، هامة على هذا الصعيد. وهو الذي كانت له إسهاماته الكبرى، في التنوير على هذه الإشكالات، بعد عمله الطويل في الجامعات الأميركية، بحثا وتنقيبا وتدريسا. وكذلك بعد تحريره الكتب العميقة التي صدرت له في غير إختصاص، وعلى غير صعيد، وآخر أعماله المنشورة التي بين يدينا، قيد المراجعة، لا أعماله المخطوطة كلها وهي كثيرة، منها ما هو تحت الطبع، ومنها ما هو ينتظر دوره للطباعة والنشر: (د. حسين كنعان: مسار الليبرالية في الولايات المتحدة الأميركية. دار نلسن - بيروت. ط١ 2023: 260 ص. تقريبا).
بالإضافة إلى كلمة الناشر والأديب، الأستاذ سليمان بختي، هناك مقدمة المؤلف، إلى مدخل وتوطئة، بالإضافة إلى عشرة فصول غير مرقّمة، تسهب في الحديث عن الموضوعات التي يجد فيها الدكتور حسين كنعان، بحكم تخصصه، ما يفيد الحديث عن مسار الليبرالية، في الولايات المتحدة الأميركية.
1- يتحدث مثلا عن الرؤية وحالة التطرف والعقلانية عند القادة والمسؤولين، وخصوصا الرؤى السياسية وواقع الحال الدولي.
2- يفرد فصلا خاصا، أسماه: «الآباء المؤسسون». يتحدث فيه عن كبار المسؤولين الأميركيين، الذي أسهموا في إرساء نهج الليبرالية في الولايات المتحدة الأميركية، منذ إعلان الإستقلال في فيلادلفيا، من ولاية بنسيلفانيا، حتى العاصمتين نيويورك وواشنطن.
3- يتحدث عن دستور الولايات المتحدة الأميركية، متوقفا عند إعلان الدستور. ساردا السلطات المحظورة على الولايات. شارحا صلاحيات الرئيس الأميركي، التي كفلها له الدستور. دون أن ينسى الحديث عن علاقة الرئيس بالمحكمة العليا، وعن السلطة العسكرية التي تمسك بزمام الأمور في البلاد.
4- يتحدث أيضا في الفصل الرابع عن رؤية الرئيس ومعاونيه. وقد شرح ذلك شرحا تفصيليا. نتوقف عند بعض ما وجد في شرحه وتقديمه، للقرّاء، بأن له فائدة عامة، لتكوين فكرة عميقة عن ذلك.
5- وتحت عنوان: الرؤية الموضوعية وأنموذج الرؤساء، تحدث الباحث الدكتور حسين كنعان، عن ما أسماه الذات الوطنية الأميركية، وسلوك القيادة، لدى الرؤساء الأميركيين.
6- تحت عنوان: فلسفة النظام الإقتصادي الحر، تحدث المؤلف عن تجربة الرئيس الأميركي، أوباما، مذكّرا بأصوله ومذكّرا بمواقفه،  خصوصا على صعيد الإستراتيجية التي إتبعها، في الإدارة وأصول الحكم، والدور الرائد له على هذا الصعيد. موضحا الخلفية البنيوية والبيئوية والثقافية التي أنشاته وأنشأها. وموضحا كذلك الثقافة الأميركية التي كان يتبعها، ويعمل على إثباتها، في واقع الحال، خلال مدة توليه الرئاسة لثماني سنوات، في فترتين متتاليتين.
7- تحدث المؤلف في فصل خاص، عن الإستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط. متوقفا عند نظرة الرئيس أوباما إلى الإسلام وزيارته التي قام بها إلى الأزهر الشريف بالقاهرة، وكذلك عن مبادرته بل حملته، لوقف الإستيطان الإسرائيلي في فلسطين.
8- وهناك فصل خاص، بحث فيه: أزمة حكم القانون، والحكم بالقانون والشريعة، خصوصا إذا كان نظام الحكم ديمقراطيا.
9- تحدث المؤلف أيضا، عن تركيبة النظام الدولي القائم. وعن الطروحات التي كان يطرحها الرؤساء الأميركيون، وخصوصا الرئيس أوباما، للوصول إلى حل المشكلات التي كانت تعترض نهج السياسة الليبرالية المتبعة، في إدارة شؤون البلاد.
10- أفرد الباحث فصلا شيّقا لما أسماه: أوباما رئيس النظام الدولي الجديد. فتوقف عند نظام القطب الواحد، وعند أسس النظام الدولي. وأفرد بحثا خاصا، تحدث فيه عن: الرئيس المؤسس إبراهام لينكولن. تناول فيه مسألتين هامتين: الرق والإتحاد بين الولايات. منتهيا للحديث، عن الرئيس أوباما، من جانب تفاعل البيئة مع الواقع المحيط بها.
وفي ختام بحثه الشيّق، يقول الدكتور حسين كنعان:
«عندما ندرك أن الرئيس الأميركي الذي نهتم به، لمعرفة أسلوبه، هو الرجل القوي، الذي يدير لعبة الأمم من واشنطن، يعطى التركيز على فهم النظام الدولي مآله». وآخر إستنتاجات الدكتور حسين من ذلك: «إن يعرف الإنسان نفسه، هو إستدراك ومعرفة ما يجري حوله. وأن على الأمم والمجتمعات أن تتعرف إلى ذاتها لتدرك ضمن أي نظام تعيش. وكذلك الدور الذي تستطيع أن تؤديه بموضوعية وعقلانية».
وقد ذيّل الباحث كتابه النفيس، بدستور الولايات المتحدة. وكذلك أوسع للمصادر والمراجع التي إعتمدها باللغتين العربية والأجنبية. وترك للقرّاء والباحثين والشغوفين، مهمة الإفادة منه، في، النظر في مسارات الليبرالية الأميركية، اليوم، وإنعكاساتها الحادة على الأنظمة العالمية، لدى الدول وللشعوب، في عصرنا الحاضر، وفي جميع المراحل القادمة.

أستاذ في الجامعة اللبنانية