بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 تموز 2022 12:00ص د. فانوس في رحاب الله

حجم الخط
غادرنا من دون موعد، نحن الذين تعوّدنا أن نتلقّى منه في الأشهر الماضية وفي صبيحة كل يوم مقالة شيّقة مكتوبة بلغة عربية بليغة وأدبية أنيقة، يتناول فيها كما في مقالاته الغزيرة التي سبقتها موضوعات مختارة ثقافية وتراثية ووطنية وعن شخصيات كان لها باع طويل وتأثير فاعل في الحياة الوطنية والثقافية اللبنانية والعربية.
رحل عنا الدكتور وجيه فانوس إلى جوار ربه وفي رحابه، بعد سويعات قليلة من استلامي مقالته الأخيرة «ملامح التجربة الأوروبية في البحث عن الحرية»، وعندما عزمت على قراءتها في الصباح الباكر فوجئت بخبر وفاته الصاعق، ويا له من خبر، ولكن تلك كانت مشيئة الله.
الدكتور وجيه فانوس قامة بيروتية ووطنية وفكرية وثقافية كبيرة قلّ نظيرها، ترك بصمات راسخة في الحياة السياسية والثقافية في لبنان امتدّت إلى أرجاء الوطن العربي، وترك مكتبة زاخرة بمؤلفات قيّمة وموضوعات متنوعة مكتوبة بدقّة وتعمّق، وترك عائلة محزونة تبكيه بمرارة ومحبين مكلومين يتحسّرون على فراقه.
عرفته منذ سنوات أخاً وصديقاً عزيزاً، وإنساناً نبيلاً يتمتع بالأخلاق العالية المستمدّة من دين الإسلام الحنيف، ووطنياً يؤمن بلغة الحوار والانفتاح على الجميع، وبلبنان العربي السيد المستقل وبالعيش الواحد بين مكوناته، وجريئاً في إعلان مواقفه الوطنية بصراحة مطلقة ومن دون مواربة، ومؤمناً بالعروبة الحضارية لا العروبة المنغلقة أو التي ترتدي رداء التزمّت والطائفية.
خسرت بيروت برحيل الدكتور فانوس قيادة حكيمة وصوتاً مدوياً وقلماً هادفاً في الدفاع عن حقوقها، وخسر المركز الثقافي الإسلامي رئيسه ولولب حركته وأنشطته، وخسرت ندوة العمل الوطني جامع شملها، وخسرت أسرته الزوج والأب الغالي والمحب، وخسرنا نحن محبّيه أخاً كريماً وصديقاً وفيّاً.
دعائي إلى المولى تعالى أن يتغمّد فقيد بيروت والوطن الغالي بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته، وأن يلهم أسرته الكريمة وعائلته الكبيرة في بيروت وأرجاء الوطن الصبر والسلوان، وإنّا للّه وإنّا إليه راجعون.