بيروت - لبنان

اخر الأخبار

13 آذار 2024 12:00ص زمن أحمد شوقي

حجم الخط
لم يكن أحمد شوقي الذي عاش في عصر شهد تغلغل النفوذ الأوروبي الى قلب المنطقة العربية، سوى الإبن البار لعصره فارتبط بهموم مجتمعه وآماله وآلامه، لذا نراه قد شهر سيفه محارباً محاولة الغرب تسريب ثقافته ولغته وتقاليده، وقد شهد شوقي الثورة العرابية وسقوط السلطنة العثمانية والحرب الكونية الأولى وسيطرة الإنكليز على مصر وقيام الحركات الوطنية التي توّجت بالثورة العربية الكبرى، وكانت بذور النهضة العربية القومية قد أخذت تتبلور منذ أواخر القرن التاسع عشر، وسط هذه الأجواء الحبلى بكل أمر جديد، ولد شوقي العام ١٨٦٩ حيث قضى طفولته وقسماً في فتوّته عند جدّته لأمه، ولمّا بلغ عتبة الشباب تأثّر بمحمود سامي البارودي من المحدّثين وبالشعراء من أمثال المتنبي وأبي تمام والبحتري، كما تأثّر ببعض أدباء الغرب، ولا يمكن الحديث في تلك الفترة عن أي اتجاه إسلامي أصيل متجدّد خارج ما طرحه الأفغاني ومحمد عبده، وممّا لا شك فيه إن للإسلام الأثر العظيم في شعر شوقي فالإسلام أوحى له قصائده الشهيرة، نهج البردى والمدائح النبوية، وكان الشعراء في تلك الفترة يمدحون السلطان ويشيدون بفضله وحرصه على إعلاء كلمة الدين وكانوا يرون أنه موحّد المسلمين والمدافع عنهم وأنشد شوقي: رضي المسلمون والإسلام/ فرع عثمان دمْ فداك الدوام.
وقد كان عصر شوقي على المستوى الوطني، صراعاً شعبياً ضد الإنكليز، تمثّل في ثورات أحمد عرابي وسعد زغلول ومصطفى كامل، وقد لقي الشعب المصري أصنافاً من العذاب على يد جيش الإحتلال الإنكليزي، وقد أنشد قصائده التي حيّا فيها الوطن وثورات ثواره.. كما أنه حيّا الثورات في الوطن العربي عبر فيض من أشعاره حيث شارك الأشقاء همومهم ومظالمهم، ففي قصيدة «نكبة دمشق» أبان الثورة السورية، نجد أصالة الروابط وعمق الأسى حين وصل الى مسامع شاعرنا أخبار دمشق وهي تئنّ تحت قنابل المستعمرين فأنشد:
سلامٌ من صبا بردى أرقّ/ ودمع لا يكفكف يا دمشق
دم الثوار تعرفه فرنسا/ وتعلم أنه نور وحق
وللحرية الحمراء باب/ بكل يد مضرّجة يدق