بيروت - لبنان

اخر الأخبار

17 حزيران 2022 12:00ص زمن العلقم

حجم الخط
لا أدري إذا كان هذا اليوم من العام يُشبه آخر سبقه من عام أو أعوام..
فهذا المرور الخبيث للأيام عبر أحجار الرحى يُطعّم الأمر برمّته بطعم الرماد.
عادة ما يكون النظر إلى الماضي مشفوعاً ببعض التأسي المشوب بحنان خفي... هو الحاصل.
ليس هناك الآن إلا الهباء، الهباء المغبّر الآتي ربما من أصقاع بعيدة في المقلب الآخر من الكوكب.
كأنها اللعنة..
ولعنة اللعنة الحقيقية عند تحوّلها إلى صمت..
الصمت هو صمت اللعنة... الصمت والماضي... الحياة والموت.
تناقض لا يبعث فقط على الأسى، بل هو الأسى بعينه.
أذكر أنه في زمن مضى كنا نتلقى من كبار السن في أسرنا نصائح قيّمة بامتصاص «سكر النبات» عند عودتنا من التظاهرات فائزين ببحة جميلة هي بعض وسام الشرف من رتبة «هـتّاف».
كان هناك...
الجزائر هي القضية..
جنوب اليمن... ظفار ووهادها..
بور سعيد... واصطياد المظليين الهابطين عام 1956 من فوق الغيم.
العراق... وسحل نوري السعيد... وبداية الرواية.
الإنزال الأميركي عام 1958 في الأوزاعي وكيف كان جنود العم سام يخافون شرب كازوز جلول خوفاً من أن يكون مسموماً وكذلك كعكة «القليطة».
الشريعة... معركة الكرامة... فتح لاند.
نقترب... نقترب... وتبدأ الوتيرة بالتباطؤ.
وكأنَّ اللغة قد وُلدت في ذلك التشييع المهيب في أيلول عام 1970... عبد الناصر مات.
وُلدت اللغة من التشييع... وكان الخوف منها.
خوف أحضر هذا الكلام... وهذا الحاضر.
أيام مضت... وأخرى ستمضي، وتحبل الذاكرة ذاك الحبل الوهمي... هو الفرق بين ما كان وما سيكون.
وما هم ما سوف يكون.
لم يعد هدير البحر يُزعج عكا...
ولم يعد الغريق يخشى من البلل...
إنه زمن العلقم.