بيروت - لبنان

اخر الأخبار

27 حزيران 2023 12:00ص فواجع النكبة الفلسطينية في رسومات الفنانة الفلسطينية تمام الأكحل

من أعمالها من أعمالها
حجم الخط
يتخذ التعبير الإنساني منحى جمالي في رسومات صاغتها الفنانة الفلسطينية «تمام الأكحل» (Tamam Al-Akhal) بجرأة لونية ذات واقع يندمج فيه ما هو انطباعي أحيانا مع التعبيري، وأحيانا أخرى تترك للواقع أن يتمثل تراثيا ونفسياً، لتحقيق قيمة الإرتباط بالجذور الفلسطينية التي ولدت فيها في فلسطين قبل النكبة. فالإبتكار البصري في لوحاتها ينمّ عن قوة المأساة التي عاشتها دون أن تنفصل عن التأملات فيما حولها ومن أحداث وقعت وانطبعت في نفسها قبل ذاكرتها، وهي على دراية بقيمة اللون الأبيض الذي يتواجد في أغلب لوحاتها، والذي يرمز إلى الصفاء الفلسطيني ورغد العيش الذي عاشته في بلدها يافا قبل أن تبحر الى بيروت. فهي ولدت في يافا سنة 1935 وغادرتها قسراً عبر البحر مع عائلتها في عام النكبة إلى بيروت، وهي أول امرأة فلسطينية تتخرج من أكاديميات الفن التشكيلي في المعهد العالي للفنون الجميلة والتربية الفنية في القاهرة بين عامي 1953 و1957 من خلال منحة قدّمتها لها كلية المقاصد في بيروت، لتقود الفن الوطني الفلسطيني التشكيلي إلى العالم بأكمله. فقد سعت بطريقتها الخاصة للتعبير عن وجع المرأة الفلسطينية تحديدا قبل أن تجعل من لوحاتها شمولية في تحديد طبيعتها الفلسطينية منذ فترة عام 1948 وما بعدها مما منحها وضوح في الرؤية الفنية التشكيلية الفلسطينية مستمدة من التراث بعض المفاتيح التي تتركها في لوحاتها، لتكون بصمتها قوية وتحقق رسالة إنسانية قوية المعنى تنتمي الى فلسطين لتواجه بذلك مأزق الخروج من يافا والعودة إليها من خلال التحرر الفني دون الإحساس بالاحباط فإحياء يافا مستمر في لوحاتها بعد الهجرة التي شهدها أبناء فلسطين. فهل الفن الفلسطيني بات وطنا حقيقيا يتمثل تشكيليا في لوحات أبناء النكبة قبل غيرهم؟ وهل تعصف لوحات الفنانة تمام الأكحل بالمشاعر الوطنية لتكون بمثابة الجهاد الوطني الفني في سبيل بقاء فلسطين؟
تدافع الفنانة «تمام الأكحل» عن الهوية الفلسطينية بإبراز التنوع في لوحات يرافقها فيها البحر غالبا، إما من خلال تلاطم الأمواج وإما عبر تلاطم البشر عند الخروج من فلسطين عبر بوابة البحر. فالمزج اللوني بين الأزرق والأبيض في الغالب لتعيد الأمل في العودة دائما، لأبناء تمثلهم هي وتتأمل معهم في العودة متمسّكة بالزي الفلسطيني الذي ترسمه بتعتيق لوني في لوحات أخرى، لتجسّد بذلك هوية فنية تشكيلية تناضل من خلالها عبر ريشة وألوان، وبأسلوب جمالي يدفع بالتأمل والبحث عن التفاصيل التي تحشدها أحيانا من خلال هؤلاء الذين خرجت معهم من وطنها، لتبقي على وطنها في اللوحة التي ترسمها بحزن رغم اشراقات الألوان. فالاحساس بالحنين قوي جدا في لوحات الأكحل، إذ تُظهر تأثيرها الإنساني العميق لفهم الحدث المؤدي إلى الخروج من أمكنة عاصرتها ولفهم زمنية العودة التي أصبحت في لوحة مدت فيها المرأة كخارطة تجسّد بثوبها الأبيض بيئة متغيّرة تماما عن السابق الفلسطيني مستجيبة بذلك للتغيّرات لتبني فلسطين الغد وتمنحها للنساء تحديداً قبل الرجال وتكون بمثابة فلسطين التي تنجب بطبيعتها الجمال الإنساني وهو يشمل الطبيعة التي تتميّز بها يافا أولا ومن ثم المدن الأخرى في فلسطين. فهل ريشة الفنانة تمام الأكحل ريشة أنثوية تضم في ثناياها مشاعر المرأة الفلسطينية بمختلف أعمارها؟ أم هي المرأة التي ما زالت تقف على شواطئ يافا وترسم البلد الآمن الذي خاض اهله ثورات شُنّت عليه وأخرجته من أرض المحبة والسلام؟ وهل الهجرة الجماعية في لوحاتها تتضمن فصولا من الإنتكاسات المتكررة التي ترفضها رابطة أغلب لوحاتها بالمتخيل الاجتماعي والسياسي للعودة الحقيقية الى وطنها الأم؟