بيروت - لبنان

اخر الأخبار

24 آب 2023 12:00ص كتاب الوزير السابق د. حسن منيمنة (الإصلاح الصعب أم المستحيل) سؤال ما زال مُلحّاً

غلاف الكتاب غلاف الكتاب
حجم الخط
عن الدار العربية ناشرون صدر للوزير السابق الدكتور حسن منيمنة كتاب بعنوان (الإصلاح الصعب أم المستحيل) وفيه يكتب عن تجربته الوزارية كوزير للتربية في الفترة ما بين (2009 - 2011) وكيف أنه جاء إلى الوزارة بعد حوارات عديدة وطويلة مع أصدقاء اختصاصيين كانت خلاصة ما وصلوا إليه ما كان يقال سابقاً ان الإصلاح يحتاج إلى مصلحين ولكنه بدرجة أكبر هو بحاجة إلى سلطة إصلاحية تلتزم الدستور والقانون ملغية كل أشكال المحاصصات التي من دونها لن يكون هناك إصلاح مهما جهد المصلحون، وينهي الفقرة التي جاءت في تمهيد الكتاب اننا سنبقى على أمل أن يأتي هذا اليوم وبالانتظار سيبقى الإصلاح الحقيقي صعباً وربما.. مستحيلاً..
وهذا ما يصوّره واقع التعليم الرسمي اليوم والفوضى التي تعمّ قطاعاً من أهم القطاعات التي تؤسّس لوطن جديد على يد أجيال جديدة إذا حسنت حسن وإذا العكس كان العكس..
في مقدمة الكتاب نقرأ ما كتب حول تجربته الوزارية:
«كنت أدرك جيدا ومعي فرق العمل سواء اكان من القطاع العام أو الخاص، أن التعليم ما قبل الجامعي والتعليم العالي هما بوابة عبورنا من المحنة التي ألمَّت بنا، ما يتطلَّب رسم خارطة أولويات تقضي بتفعيل مؤسسات الوزارة، ووضع التصوّرات والحلول، لما يجب أن يكون عليه التعليم في شتّى مراحله واختصاصاته.
وكنت من المدركين أيضاً، مدى التعقيدات التي تحيط بموضوع التربية، بخاصة توغُّل الحس الطائفي في التكوين الثقافي للمجتمع اللبناني، وانعكاس ذلك في الأداء التعليمي والتربوي. فكان من الضروري تفكيك هذا المنحى وتجاوزه من خلال إعادة الاعتبار للدولة وللتعليم الرسمي الذي تقدِّمه، باعتباره يجمع المواطنين من مختلف الانتماءات والفئات دون تمييز، ويعلي الثقافة المواطنية على سواها من هويات فرعية.
على أنني لم أتعامل مع الواقع القائم بمنطق الصدمة المفاجئة، بل بذلت جهدي من أجل وضع التربية والتعليم في موقعهما الصحيح، من خلال الفصل بينها وبين الصراعات السياسية، منطلقا من أن دور الوزارة يتعدّى التعليم إلى التربية، التي تعيد بناء الإنسان وتعمل على دمج التنوّع الذي انفرط عقده خلال سنوات الاقتتال. ومن أجل تحقيق ذلك أشركت ممثّلين للقوى السياسية في بعض المسائل والموضوعات التي أدرك أنها لن تمرّ في مجلسي الوزراء والنواب من دون تفاعلها وموافقتها، وذلك للوصول إلى الهدف السامي الذي طالما سعيت إليه، بما هو العمل للتربية.. ومن خلالها العمل من أجل الوطن. كما توجّهت إلى القوى والفاعليات المجتمعية للمساهمة في أعمال اللجان التي خاضت في جدل ونقاش خلّاق تتطلَّبه عملية وضع الخطط والمشاريع وصياغة القوانين والمراسيم وإصدار القرارات وكان معنا عشرات الكفاءات والخبراء اللبنانيين والعرب والأجانب، وخصوصا من المنظمات العربية والدولية المعنية بشؤون التربية والتعليم، وتملك تجارب مفيدة في هذا المجال».
وفي تمهيده للكتاب يسرد الوزير منيمنة تصوّره لعملية الإصلاح الذي حمله معه إلى الوزارة وباشر العمل للتنفيذ عبر اجراءات إدارية وتحضير مراسيم وقرارات تسعى في سبيل هذا الهدف، وحول ذلك ذكر كما ورد في التمهيد للكتاب:
«أشير إلى بعض مشاريع المراسيم والقوانين التي أعددت خلال فترة وجودي على رأس وزارة التربية وهي بالعشرات، وشملت تقريبا كل متطلبات إصلاح وتطوير هذا القطاع، وما تضمنته من نصوص كان تطبيقها كفيلا بتحقيق المرجو منها. وهذه المراسيم والقوانين بعضها أُقرّ في مجلس الوزراء والآخر صدر عـن المجلس النيابي. وكان القسم الأكبر يستكمل دورته القانونية في مجلس الخدمة المدنية وشورى الدولة وغيرها. وقد حال قِصَر عمر الوزارة من وصولها إلى مجلس الوزراء أو المجلس النيابي؛ والمؤسف أنه حتى تلك المراسيم والقوانين التي أُقرّت جرى التراجع عنها، كما حصل مع مرسوم زيادة سنوات التدريس في مرحلة الروضات إلى ثلاث سنوات بدلا من اثنتين، أو إهمال إصدار المراسيم التنظيمية لها ليصبح القانون ساريا وفعّالا وقابلا للتطبيق، كما جرى مع قانون التعليم العالي الخاص، الذي بقي حتى المدراء والمدرّسين وعناصر الجهاز الإداري والتعليمي كافة لمنطق المحاصصة الطائفية والزبائنية الحزبية، مع ما يستتبع ذلك من عدم الالتزام بالقوانين والأنظمة المرعية الإجراء؛ مما أفقد التعليم الرسمي المدرسي والجامعي أهم عناصر تقدُّمه وازدهاره التي راكمها خلال عقود طويلة من العمل الشاق والمضني على أيدي أجيال عدة، فجاء انتشار وباء الكورونا مع ما رافقه من إقفال المدارس لمدة عامين تقريبا مقرونة مع تعثّر الخدمات للتعليم عن بُعد كفقدان الطاقة الكهربائية والإنترنت والتجهيزات الإلكترونية لدى معظم الأهالي، وتبعه الانهيار الاقتصادي والمالي والمعيشي الذي يضرب البلاد. كل هذا كان من شأنه أن يفاقم أزمات التعليم حتى بات هذا القطاع الهام والأساسي في حياة المجتمعات والدول، عندنا في طور الاحتضار الطويل والكامل».
في الوصول إلى نتيجة ان كتاب الوزير منيمنة يشرح بالتفصيل حالة وزارة التربية التي كانت عليها أثناء تسلّمه مسؤوليتها ويعدّد كل أسباب معوقات إصلاحها وإيصالها إلى ما يجب أن تكون عليه.
ولكن ما ذكر من معوقات نرى اليوم أنها ما زالت على حالها وربما هناك إضافات فوقها مما يجعل الأمل ضئيلاً وربما معدوماً في الوصول إلى المبتغى.
فما ذكر عن المحاصصات ربما تكون على ازدياد وما ورد عن عدم تنفيذ كل ما هو على طريق الإصلاح ما زال قائماً.
وعليه فهذا الكتاب يعتبر نوعاً من أنواع بل وثيقة إدانة لطبقة سياسية لعبت وما زالت بمصير وطن بكامل قطاعاته ومن ضمنها قطاع التربية والتعليم وهو القطاع الصانع لأجيال سوف تتسلّم مسؤولية وطن بكامله ومصير ومستقبل إنسانه.
حسناً فعل الوزير منيمنة بتسجيل تجربته إذ انها من الممكن من خلال توصيفها لأماكن الخلل قد تكون مفيدة في وقت ما من تاريخ ما لوضع القطار على السكة.
ويبقى الأمل...