بيروت - لبنان

اخر الأخبار

3 حزيران 2022 12:00ص كهولة حضارة...

حجم الخط
يقول ابن خلدون في مقدمته إن للأمم وحضارتها أعماراً ومراحل تشبه مراحل حياة الإنسان; طفولة، فشباب، فكهولة، فشيخوخة، وموت.
من جهة أخرى، يقول المنفلوطي قولاً آخر يقترب من ابن خلدون: «اليوم بلغت الأربعين، لقد بلغتُ قمة الحياة وبدأت أرى الجانب الآخر».
حتى ولو كانت هناك إشكالية حول تحديد مقومات الحضارة الغربية القائمة اليوم فإنها تندرج في مسار يطاله هذا الكلام.
حالة بدأت برومانسية الطروحات في الثورة الفرنسية (حرية، عدالة، مساواة) ومرّت بمادية الثورة الصناعية، ووصلت إلى مرحلة الاستعمار الضروري لتأمين الإنتاج وسوق استهلاكه.
ثم استقرّت أخيراً على حالة الهيمنة الاقتصادية والسياسية التي تُمسك من خلالها بخيوط تحريك شعوب العالم تحت تسمية «العولمة».
حالة بدأت رومانسية وانتهت براغماتية - ميكيافيلية..
فإذا حاولنا قياس ذلك على كلام ابن خلدون والمنفلوطي نستطيع تبيّن مراحل التطابق..
فالرومانسية طفولتها..
والثورة الصناعية شبابها..
والاستعمار كهولتها..
وهذا الركود الذي يسود العالم ما هو إلا مرحلة الشيخوخة.
خلال دراستنا الجامعية تتلمذنا على يد أحد أهم أساتذة التاريخ، وهو الدكتور عبد العزيز سالم، والقول له إن نقطة التحوُّل في تاريخ الإمبراطورية الرومانية ظهرت في التحولات المجتمعية، عندما جعلوا إلى جانب كل غرفة طعام غرفة أخرى لإفراغ ما أتخمهم من حيث دخل، للعودة إلى التلذّذ بطيب المأكل والمشرب.
حول هذا... هل التحوُّل الحاصل اليوم في الحضارة الغربية مؤشّر على ما سبق؟..
بريطانيا العظمى أباحت زواج الذكر بالذكر، ومنحت المواخير وبيوت الدعارة التراخيص من دون إستثناء، وتدعو إلى اعتبار الدعارة كنشاط تجاري عليه تحمُّل الضرائب.
استحضرنا المثال البريطاني لأنهم صنّاع المجتمع الأميركي عبر شذاذ الآفاق والذي يشبه الوجود الصهيوني الآن في فلسطين.

وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْفَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا