بيروت - لبنان

اخر الأخبار

10 آذار 2023 12:00ص ما بين السياسة والثقافة

حجم الخط
في البلد تناقض كبير، لا يبدو غريباً، بل نجد الكثيرين يهزّون رؤوسهم بالموافقة.
والتناقض المقصود هنا، وبهذه الكتابة تحديداً هو الحاصل ما بين السياسة والثقافة، أو تحديداً أيضاً ما بين العمل السياسي والنشاط الثقافي.
ففي الوقت الذي ننام فيه على تهويل سياسي، ونستفيق على تهديد، ولا نرى على الشاشات إلّا الوجوه العابسة، وعروق الرقبة النافرة..
ولا نسمع إلّا الأصوات الهادرة، والصراخ الحاد والكلام النابي..
ونهتز وجدانياً مع التحليلات المتشائمة وهي تنذر بالويل والثبور وعظائم الأمور.. في الوقت عينه نلمس، وكأن ذلك يحدث في كوكب آخر، مجموعات تلتقي في الأمسيات، وعمل يلعب على الخشبات، ومهرجانات وموسيقى، وإصدارات في الشعر والرواية، وازدحام في الحفلات..
كأن هناك هوة سحيقة عميقة تفصل ما بين النشاط الثقافي والواقع السياسي..
كأن هناك ثمة جدار سميك يفصل ما بين الحالتين..
فأما أن يكون ذلك نتيجة لإدراك في لا وعي الحالة الثقافية بأن الناس قد ملّت هذا السخف السياسي والهباء المرافق له..
وتتجه بالتالي الى الثقافة وغيرها لتجسيد حالة حلمية يتوق إليها الجميع من سلم وهناء عيش..
أو أن يكون ذلك نتيجة لتحدٍّ أو نكاية من جماعة الثقافة بأهل السياسة الذين لا يجدون للصلح مطرحاً.
والعلاقة بين الثقافي والسياسي خصوصاً في هذا الوطن، لطالما كانت على افتراق على الرغم من كل الادّعاءات والبهرجات.
وفي الأساس المشكلة هي في وضع العربة أمام الحصان على عكس المنطق، فبدلا من أن يوجّه الفكر بمفهومه الثقافي السياسة الى حيث يجب، نجد ومنذ الاستقلال ان آخر همّ أو آخر الأولويات لدى أهل السياسة هو الثقافة وعالمها.
والدليل وزارة الثقافة وموازنتها التي نخجل من ذكر نسبتها المئوية من مجمل موازنة الدولة العامة.
هل المشكلة في أساس البناء؟..
ربما، لكنها المشكلة التي كانت وسوف تبقى ما لم يهبط على العقول نوراً سحري من مكان ما.