بيروت - لبنان

اخر الأخبار

4 حزيران 2019 12:03ص معرض الفنان مصطفى عبيد: الثوابت الفنية الملموسة

من المعرض من المعرض
حجم الخط
تتضمن أعمال الفنان «مصطفى عبيد» (Mostafa Obeid) فكرة بقاء الإنسانية وجمالية أعمال الإنسان فيها ما بين انطباع وتجريد أو بين تعبير وصياغة وغيره، وبتقنيات فنية تنوّعت أسسها وأساليبها وحرفيتها بين الطباعة بالحفر الحمضي، باللينوليوم، الحبر الأسود على الورق، سيراميك وغيرها.. فالطبيعة بالنسبة له مصدر المقاييس والمعايير والنسب الحقيقية التي تجذب الإنسان إليها بفطرة الطبيعة، وبموازين الفنان القادرة على الخلق الجمالي، مما يعكس رؤيته الخاصة الناتجة عن كل ذلك. وهذا يجعل من أعماله مصدراً للسرور والفهم الإنساني المشبّع باحترام الطبيعة والحفاظ عليها. إذ تبدو خطوطه الثابتة والمتحركة في مختلف التقنيات التي يستخدمها قادرة على تأكيد مسألة بقاء الآثار الإنسانية وفق رؤيته في كل زمن. فهل يحاول من خلال أعماله القول ان الطبيعة هي خلق الله والإنسان يرتبط بها وبكل شيء فيها؟ أم ان التصاميم في الطبيعة تفرض نفسها على الفنان لتكون هي موازين كل شيء من حوله؟ 

تحتاج اللوحة بشكل عام لنقاط التأسيس، وفي أعمال الفنان «مصطفى عبيد» تتنفس الحواس من هذه النقاط التي ترتكز على موازين فنية خاصة، لندرك ان الجمال يحتاج لتأسيس متين يأتي من النسب التي تتحوّل إلينا من المشاهد الطبيعية، فهي الثروة الحقيقية للفنان، إذ تزوّده بالطاقة الجمالية التي ينطلق منها نحو الثوابت الفنية الملموسة في لوحات هي جزء لا يتجزأ من فلسفته الفنية الملتزم بها، وبمسحات الألوان والخطوط النابضة بالجمال الحي الذي ينقلنا باللاوعي الى أحضان الطبيعة، وان اختلفت أساليبه التعبيرية والانطباعية، فالمادة تحدّد التشكيل، وبهذا نجده يتنقل بين عدّة مواد وعدّة أساليب لتكون ترجمة الرؤى نابعة من الأحاسيس والمادة. وتبقى روحية الجمال الى الرؤية الإنسانية التي تفرض نفسها في لوحات تمجّد التكوين الخلّاق في كل مشهد نلتقطه بالحواس والإدراك والجمال الصافي من الشوائب الذي يغرس من خلاله الحركة القادرة على لفت الانتباه، وبتوازن كرّسه بتؤدة، ليكون الميزان البصري في كل لوحة من لوحاته التي تفرض معادلاتها على الرائي حتى عبر النقد الذاتي الذي يمارسه الفنان «مصطفى عبيد» في لوحاته التشكيلية.

تضعنا لوحات الفنان «مصطفى عبيد» على خارطة حضارات تشكيلية ترمز كل منها الى تقنيات عددها ذوقيا وجماليا، كفنان وناقد ومتذوّق، وبنظرة شمولية كاطروحة بصرية يقدّمها لتلامذة الفن وللنقاد واضعا أمامنا موازينه البسيطة والمعقدة، وقدراته التي يقدّم من خلالها لغة تشكيلية تندمج مع الأفكار والرؤى المادية والروحانية أو المحسوس والملموس، وهي جمالية بالدرجة الأولى ووظيفية بالدرجة الثانية، وبصيغة تشكيلية تجمع الحس الفني مع الحس المؤسّس لهذا الفن المؤثر على الواقع بأشكاله المختلفة (الخارج من الواقع والموافق له) وبأضداد يروي من خلالها قصة الفن والحضارات وفطرة الريشة وأساليبها المختلفة. بالإضافة لقدراتها على الصياغة وفق المغزى الجمالي الانتقادي نوعا ما لإعادة النظر بالمشوّهات ومحوها، وما بين الخطوط المنفردة والخربشات الأخرى حكاية وطن في أعمال فنان يترجم بالأشكال والألوان حالات اجتماعية لم يبترها، بل بسّطها بجمالية في لوحات ذات هواجس فنية جسّدها بشتى الأساليب، ليؤكد على الوعي الإنساني في تشكيل الجمال عبر الحالات الانسانية المختلفة، وببصمة هي مؤانسات حسية في تشكيل لم ينضبط في أسلوب واحد، بل تعدّد واستخرج معادلاته في رؤاه مستخدما عدة رموز جمعت الطبيعة مع الإنسان والمادة ضمن انعكاسات لواقع عكس الغنى الجمالي فيه عبر نظريات فنية مختلفة. فهل من اشكاليات وضعها الفنان مصطفى عبيد للبحث فيها أم انها اشكاليات تدفقت من واقع غادره وعاد إليه بلوحات مختلفة؟

معرض الفنان «مصطفى عبيد» (Mostafa Obeid) غاليري «اكزود الأشرفية» (Equipe Exode).





dohamol@hotmail.com