بيروت - لبنان

اخر الأخبار

6 كانون الثاني 2023 12:00ص مونبلييه عاصمة أوروبية للثقافة-2028؟

مدينة مونبلييه مدينة مونبلييه
حجم الخط
هل يمكن أن تتصدر مدينة مونبلييه الفرنسية، قائمة المدن الأوروبية المرشحة عاصمة أوروبية للثقافة-2028؟..
عادة ما يبنى مثل هذا الترشيح، على أسس وقواعد وشروط تأهيلية. يجب أن تتوافر في المدينة، أية مدينة أوروبية. وأهم تلك الشروط التأهيلية، أن تكون بلديتها مميزة، في عملها المدني، على الصعد كافة: النظافة والبيئة والجمال المتنوع، في العمائر وفي الشوارع وفي الحدائق. ناهيك عن إلتماس الخدمات للسكان، في شبكة الأمان، وفي شبكة المواصلات، وفي شبكة الرعاية الصحية والسهر على كل ما يطلبه السكان، من حاجات مدرسية وتعليمية ورياضية، وأنشطة خدماتية، وأنشطة إجتماعية وترفيهية. وذلك قبل الحديث عن وجود الكليات الجامعية التاريخية، وعن وجود المتاحف والمنابر، وعن وجود التنوع الثقافي، والتنوع العرقي، والتعدد اللغوي، في مجتمعات المدينة.
لا بد من الحديث أيضا: عن غنى هذة المدينة تاريخيا، في محيطها الجغرافي، وما قدمته على الصعيد الثقافي والعلمي والأدبي. فما بالك بالرصيد الحضاري الذي تتمتع به. وما بالك أيضا، بالموقع الجغرافي، على الخارطة العامة لمحيطها الفرنسي المجاور.
في الواقع، تتقدم مونبلييه، في جميع هذة المواقع بالجملة. ولا يضيرها في شيء، إذا كانت بعض المدن الفرنسية المنافسة لها، قد يشهد لها تقدم وإزدهار، على هذا الصعيد أو ذاك. غير أن مدينة مونبلييه، وحدها دون سائر المدن الفرنسية، كانت قد نالت قصب السبق على جميع هذه الصعد كافة.
وعلى الرغم، أن هذه العجالة، لا تتسع حتما، لكل المزايا التي تحف بمدينة مونبلييه التاريخية، عاصمة أوروبية للثقافة - العام 2028، غير أن من الممكن التنويه أولا بأول، بعملها البلدي. فالسكان، من مواطنين وزوار، يشهدون لمدينة مونبلييه، بإتساق عملها البلدي، على صعيد الخدمات جميعا. ولنقل أولا بأول، إنها «مدينة في حديقة عظيمة»، تمتد شرقا، وتمتد غربا، وتمتد شمالا، وتمتد جنوبا، حتى تلامس الشاطئ الأحمر، حيث المستنقعات المتلألئة بالماء والشمس والأطيار والمتنزهين على حد سواء. بعد أن وفرت البلدية، للناس، شبكة من المواصلات تجعل الشاطئ الآخاذ، قريبا من عيونهم.. وقريبا من قلوبهم، وقريبا من نفوسهم.
هل نذكر أن مدينة مونبلييه، عريقة في التاريخ. يظهر ذلك من خلال الحديث عنها في القرنين الخامس عشر والسادس عشر. وكذلك من خلال تخطيطها المدني. ومن خلال عماراتها التي تعود إلى الطراز القوطي في العصر الوسيط. وهل ننسى قوس النصر الذي يتوسطها، مع القناطر المائية التي تغذي الأنحاء البعيدة من المدينة، والتي تزيدها اليوم جمالا على جمال. هل ننسى وسط المدينة الآخاذ، وساحاتها البرّاقة ومبنى الكوميدي الرائع فيها.
مونبلييه، مدينة العلم والعلماء. فتاريخ كلية الصيدلة فيها، إنما يعود إلى القرن الخامس عشر. وقد إتصلت كلية الصيدلة، بأعظم حديقة للأعشاب الطبية، منذ ذلك التاريخ. فكانت مونبلييه، تستقبل جميع الأطباء والصيادلة والعشابين، الناجين من الحروب التاريخية على الأندلس.
هل نتحدث عن مكتبة مونبليبه البلدية الراقية والحديثة والغنية، تفتح أبوابها للرواد من الكتّاب والأدباء والمثقفين من الصباح حتى المساء. أم نتحدث عن كثرة الجامعات الحديثة فيها، وعن الملعب الأولمبي، الذي شيّد في أعلى نواحيها. هل نتحدث عن ساحة الكوميدي التي تتوسط المدينة، وبجانبها الحديقة الغنّاء التي تتصل بالكوروم - Corum، وبالسوق التجاري بوليغون - Polygone. هل نعدد من آثارها التاريخية: البيرو - Pérou، وكلية الطب والحمام اليهودي، وبرج كاتدرائية سان بيير، وبرج لابابوت - Tour de la Babote، وكذلك حديقة الأعشاب الطبية، وقصر العدل ودار الأوبرا ومنزل الرسام بازيل، الذي حوّلته البلدية إلى متحف. بالإضافة إلى L’Aquaduque الروماني لاستجرار المياه.
مدينة مونبلييه، ليست هذه صفاتها كلها، ولا هذه محسناتها كلها، ولا هذه كل ما فيها من رعاية بلدية، ومن محسنات جمالية، ومن آثار تاريخية، فقد يكون قد ند عنا الكثير، في هذه السردية القصيرة وما قلناه عنها، ليس يقع إلا في باب التذكر، أو في باب التذكرة. وهو حتما قليل. فهل نراها على لائحة الترشيح، عاصمة أوروبية للثقافة، في العام 2028. ليس ذلك على مونبلييه بكثير!

أستاذ في الجامعة اللبنانية