بيروت - لبنان

اخر الأخبار

15 آب 2023 12:00ص يوسف إدريس الأديب

حجم الخط
يعجبنا في يوسف إدريس الأديب لغته الشفافة والأنيقة ويروقنا أسلوبه الذي يوازن من خلاله بين الفكرة والقالب الفني، وقد قدّم بصدق النموذج المتطور للقصة القصيرة العربية، حيث عالج من خلالها قضايا الإنسان، خاصة حين تتمظهر أمامه قضية إنسانية معينة، فتستدرجه للغوص الى الأعماق البعيدة للإنسان، فيندفع وهو الطبيب للكشف بصدق عن حقيقة الوجود، مستخدماً في ذلك قلمه بدلاً من المبضع، لكنه يُحيّرنا فعلاً حين يبدع شخصيات تكون أكثر تعقيداً من الواقع، لكنه في هذا وذاك، يحافظ على شمولية في الرؤية مبتعداً قدر الإمكان، عن التقرير والوعظ والخطابة، ولكن هذه الحيرة تنجلي حين نعرف أن هدفه فى القصة القصيرة التغيير، وهي سلاحه الذي شهره في وجه مجتمع فقير ومتخلّف، أراد أن ينهض به الى مستوى الحلم الذي لم يفارقه حتى آخر لحظة من حياته، وعن هذا يقول الناقد رجاء النقاش: هو أحد العظماء الذين نقلوا الكلمة من الصالونات التي لا ترتادها سوى طبقة معينة، الى الشوارع.. والى أعماق الريف مرتاداً مجاهل إنسانه، محارباً الجهل والقمع، كما في مجموعته الأولى: أرخص الليالي ثم ليلة صيف، حادثة شرف، آخر الدنيا، النداهة، بيت من لحم.. وقراءة قصص يوسف إدريس القصيرة تبرز وعيه الفني للقصة، من هنا كان إدراكه لضرورة التجديد ليس في المضمون فقط بل وفي الشكل الفني، حيث التزم أديبنا أسلوب تجسيد لحظة معيّنة في لحظات الإنسان بكثافة وتحليل، وواعياً ومتنبّها للأبعاد التي ما انحرف عنها في مجموعاته القصصية وهو الذي احتلّته روح التحدي منذ الطفولة.. هذا على صعيد القصة، أما في مجال الرواية فقد كتب: الحرام، الببغا، قصة حب، العيب.. وأشهر إنتاجه في المسرح: «ملك القطن، جمهورية فرحات، اللحظة الحرجة، الفرافير، ألف أمنية»، ومن القضايا التي عالجها أديبنا أخيراً قضية الموت خاصة الموت في قصة «اليد الكبيرة» فقال : «إن الموت ليس رعباً كما يتصوّر الناس.. الخوف أن نعيش عمرنا خائفين من الموت وبذلك قدرتنا على الحياة الحقيقية».