بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

28 آب 2020 12:00ص أي مئوية للبنان؟

حجم الخط
قرنٌ سينقضي بعد أيام على تأسيس لبنان الكيان أو ما سمّي بدولة لبنان الكبير التي أعلن عنها الجنرال غورو في 1 أيلول 1920. وفي تمام هذا التاريخ من العام الجاري 2020 سيحضر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بيروت لمشاركة اللبنانيين احتفاليتهم بالمئوية الأولى لوطنهم النهائي. 

هذه المرة سيأتي الفرنسيون لـ«يطمئنوا» عن الدولة بعد نجاحهم في إرساء الكيان من ضمن خريطة سايكس- بيكو. ولأنّ الفرنسيين يعلمون جيداً بأنّ الدولة في لبنان قد بقيَتْ الحلقة الأضعف في هذا الكيان طوال تاريخه؛ دعا رئيسُهم الحالي اللبنانيين وتحديداً الطبقة السياسية إلى إقامة دولة جديدة عبر «إعادة تأسيس ميثاق جديد».

 وكأنهم بذلك يقولون لنا بالفم الملآن، أنكم بعد مئة سنة على منحنا إيّاكم هذا الكيان السياسي الدقيق، فشلتُم بتحصينه بدولة حقيقية. ونحن اللبنانيين نعلم جيداً أيضاً بأننا لم نستقوِ على شيء أكثر من استقوائنا على الدولة. 

ومع ذلك نحن نجهلُ نوايا الفرنسيين وغير الفرنسيين تجاهنا. فما أكثر النوايا تجاه لبنان! هل من المستغرب أن معظم قيادات وزعامات هذه الطبقة السياسية لم يعرفوا الدولة، بل واستمدوا شرعية وجودهم من أنقاضها ومن أشلائها؟ وها هم اليوم يُشرفون على عشرات الأجيال اللبنانية المتعاقبة التي حُرمَتْ معرفة الدولة أيضاً، بل وأصبحت مؤمنةً بأنّ وجودها هو ضربٌ من الخيال. 

كيف نريد من هؤلاء أن يكفوا عن الشيء الوحيد الذي برعوا فيه وهو اغتيال الدولة وتفتيتها؟ كيف ننتظر منهم أن ينقلبوا على ذاكرتهم، وأن ينقلبوا على ما صنعته أيديهم، ما داموا طامعين بعدُ بحاضرنا وبمستقبلنا؟ إنهيار شبه الدولة قد وقع على رؤوس اللبنانيين الذين انجرّوا بعيداً خلف هذه الطبقة. 

وها هي جدرانُها وعنابرها ومزارعها متهدّمة ومحترقة في المرفأ، وها هو زجاج مناصبها ومحاصصاتها منثور هناك فوق دماء الأبرياء. هل يجيء الفرنسيون اليوم ومعهم دول أخرى، ليواروا في الثرى جثة شبه الدولة المنهارة، ويستولدوا لنا شبه دولة جديدة أم أن الشعب اللبناني سيكون بالمرصاد، وسيكون الأم الوحيدة هذه المرة؟
أخبار ذات صلة