بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

24 تشرين الثاني 2023 12:00ص إلا إيماناً…

حجم الخط
أحار في أولئك الذين يبدون رأيا شنيعا في ما يجري في غزة اليوم؛ وأجدني مضطرا للتصويب على ما يستبطنون من باب قول الحقيقة ليس إلا. هل هم واقعيون أم براغماتيون؟ مجاهدون وطنيون أم مطبّعون متنازلون؟ هل هم أصحاب قضية حيّة أم أصحاب تصفية القضية؟ تختلف التوصيفات وتتعدّد وتواكبها في كل مرة مستويات متداخلة واعتبارات شتّى. أفهم ذلك ولا أجني على أحد. لكن ليقول لنا من تتفتّق على لسانه الأفكار «النيّرة»: أي حلّ عند جنابك للقضية الفلسطينية؟ أي نهج تقترح على الفلسطينيين أن يسيروا فيه حتى ينالوا إنسانيتهم قبل استعادة أرضهم وحقوقهم؟ هل توصيهم بالسلام يا غاندي عصرك؟ أم بالحرب الشعبية التي لا مفر منها؟ أم عليهم أن ينتظروا تغيّر ميزان القوى العالمية لعلهم يمتلكون ساعتئذ قنبلة نووية؟ عندما تتظاهر بالبكاء على شهداء غزة من الأطفال والنساء والشيوخ، وتُحمّل السلاح الفلسطيني المسؤولية، هل تكون واحدا من فلاسفة الأنوار الباقين أم من الإنسانويين الجدد؟ أو لعلك من المكافحين لمعاداة السامية. صحيح أنت لا تريد للأبرياء أن يقتلوا، لكن هل بدأ قتل الفلسطيني اليوم؟ هل ولدت حاسة الشفقة عندك في ٧ تشرين الأول؟ ما العمل؟ هل تعرف معنى لهذا السؤال أم كل الأشياء عندك نظرية على غرار بيانات الشجب والإدانة العربية؟ ألم يكن من الأجدى مثلا أن تدعوَ لمعاقبة الكيان الإسرائيلي أم تريدنا أن نقول إسرائيل هكذا بالفم الملآن خيانة وجبناً؟ نعم هذه المصطلحات خشبية بالنسبة إليك، أعلم موقفك الحديديّ! لكن حتى الخشب يمكنه أن يكون سلاحا بوجه السفاح والمجرم والقاتل عندما لا تجد غيره لتدافع عن نفسك وشرفك وعرضك، أليس كذلك؟ أنت ترى أن المقاومة صناعة خارجية، لكن ماذا بشأن القضيّة؟ هل مقاومة فرنسا للنازيين كانت داخلية تماما ويسكن قادتها في أنفاق باريس؟ هل تفهم أنت شيئا بالتاريخ؟ لماذا ٧ أكتوبر؟ تريد أن تفهم أنت أليس كذلك؟ تنتظر أن يقول الفلسطيني: لو كنت أعلم.. حتى تكون أنت بيننا الأعلم؟ ترمي الكرة دائما في ملعب الفلسطينيين ولا ترفع أي بطاقة صفراء أو حمراء بوجه الخصم. فلسطين قضية القضايا شاء من شاء وأبى من أبى. غير القوة لن تعيد الحق إليها. والتضحية بالأموال والأنفس طريق النصر الوحيد. الذين يبكون شهداء فلسطين بدموع التماسيح لسان حالهم واحد: نحن لسنا معكم ودماؤكم لن تجر سيوفنا مع سيوفكم.. «إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم». فهل يزيد ذلك المؤمنين بربهم وبالحق إلا إيماناً؟
أخبار ذات صلة