بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

5 كانون الثاني 2024 12:00ص الرأي الآخر

حجم الخط
لا يوجد الرأي الآخر عند الآخر، كما لا نزال نقول، بل عند ذات أنفسنا. إنّه يسكن هناك، في مكان ما، داخل أشدّ الطبقات حرصاً. سرعة درايتنا به ثم محاولة دفعه عنا لدليل على هذا القرب. فهو يوجد من تلقاء ذاته، مستقلاً عن هذا أو ذاك، حتى ولو كنا نُسارع للبحث له عن ناطق أو متعهّد. هذا الآخر هو جزء منّا يصعب استئصاله مهما سعينا إلى ذلك. إنّه شيء لا يزول كليّاً. وسوف تتيقّن بعد خصام طويل معه، أنّ محاولاتك لإخفاء صوته تماماً قد باءت جميعها بالفشل. كنت تطلب الطهرانيّة من قَبِل أو تدّعيها دوناً عن غيرك، موهماً نفسك بالانتصار على الرأي الآخر. ولم يكن الرأي الآخر بعيداً عن انتصارك المزعوم. فكلما أوغلت في إقصاء الرأي الآخر كان له في ما تدّعيه من نصر حصة أكبر. من السهل أن يُدمّر الإنسان كل ما حوله؛ حجراً وبشراً وطبيعة. كما من السهل أن يُخيّل إليه أنّه بكلمة واحدة أو بسلسلة أفعال جزئية سيقضي على كل الآراء الأخرى إلى الأبد. الأمر الصعب هو في الوجه الآخر للدمار أي الإعمار. قلت الوجه الآخر ولم أقل الوجه المقابل، وذلك كي يستقيم أمرُ ما أستبيْنه من معنى. القوى المركزية الطاردة تنتج دائماً آخر ما، آخر مطروداً. وكي تنجح في ذلك عليها أن تدور حول نفسها بكامل قدرتها وبلا توقّف. الدوران حول الذات.. آفة الآفات الكبرى. العملية المصطنعة التي تنتج على نحو عشوائي وانشطاري كل شياطين الثنائيات، ومن بينها الأنا والآخر، وبطبيعة الحال الصّنم المخيف الذي نُطلق عليه الرأي الآخر. ابقه تحت السيطرة وسوف ترى منه العجب العجاب. أطلق سراحه وسوف تحمل أثقاله أينما اتجهت. اشطره نصفين وسوف تشهد على ولادة آخر جديد. حاول أن تبتلعه من غير نفس وسوف يفرض عليك أن تتقيّأه!
أخبار ذات صلة