بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

17 شباط 2023 12:00ص الزلزال

حجم الخط
يكثرُ الحديث عن الزلزال. حكاياتٌ عن مأسي الضحايا في تركيا وسوريا تُروى كلّ يوم على لسان الناجين. وجدالاتٌ علميّة ودينيّة يشتدّ وطيسها بين الخبراء والمحلّلين والوعّاظ حول الأسباب والمآلات. الكلّ في خوف وترقّب وفي احتساب. فقد طغت الكارثة على ما عداها وتشتّت من حولها القلوب والأذهان. ولا يزال الخطرُ من تكرار ما حدث في أماكن أخرى من منطقتنا قائمًا تُعزّزه من جهة سلاسلُ الهزّات الأرضيّة سواء الارتداديّة منها أو المتحرّكة على خطوط صدوع جديدة، ومن جهة ثانية سلاسلُ التوقّعات التي بعضها يصدر عن الجيولوجيين وأصحاب العلم، وبعضها الآخر عن الدّجالين وأصحاب دكاكين الوهم. فعند المصائب تكثر المكائد ويذهب ضحيّتها ذوو القلوب الضعيفة والفهوم الطريّة. وإذا بالنقاشات في الشّدائد تخرج عن مسارها المعتاد وتأخذ مناحيَ نفسيّة متنوّعة ووعرة أحيانًا. فهذا يرى في تحرّك الأرض من تحتنا حدَثًّا طبيعيًّا يختار أن يستوعبه بواسطة العقل. وذاك يلجأ إلى الله على حرف راجيًا منه غفرانًا قد تأخّر في طلبه دهرًا. وهناك من يلوذ بالخرافة ويجتهد في رصد كلّ تعويذة جديدة. وترى الناس في حيْرة وفي بلبلة. موجةٌ ترفعهم إلى أعلى؛ فتهون الحياة في عيونهم كأنّها زفرةٌ تحرّرهم من سجن قاتم، وموجةٌ تهبط بهم إلى أسفل؛ فيُقبلون على الحياة بأسنانهم وأظافرهم كأنّما يتمسّكون بطرف حبل واهٍ من فوق جرفٍ مريع. فالإنسان المضطرب هو نسخة أخرى تمامًا عن الإنسان في حالتي الاسترخاء والتّنعّم. فإمّا أن يعودَ إلى نفسه حاسرًا عنه ما فيه من جهلٍ وكبرياء مُهلِك، أو يضلَّ عنها أكثر فيتمادى في غيّه من غير نظر ولا خبر. وكيفما يفهم الإنسان الكوارث من حوله، فهي بالتأكيد فرصة سانحة للمراجعة وللوقوف مجدّدًا عند حدود واجبةٌ طاعتها قد أطاحت بها الطبيعة البشريّة أولًا. أليس هنا يبدأ كلُّ زلزال؟                       
أخبار ذات صلة