بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

14 تموز 2023 12:10ص العطاء والأخذ

حجم الخط
الحياة عطاءٌ وأخْذ. جناحان لا يستقيم ارتفاعهما بواحدٍ دون الآخر. نحن مفطورون على إعطاء الآخرين بعضًا مما نملك مهما تعدّدت عناوين هذا العطاء وأسبابه. ومفطورون أيضًا على أن نأخذ من الناس شيئًا يقعُ في أفق انتظاراتنا. قد يختلّ الميزان في كثير من الأحيان، بل في معظمها، لكن الكفّتين لا تزولان أبدًا. ما من إنسان لا يُعطي مطلقًا وما من إنسان لا يأخذ البتّة. يبقى التقدير بين الأمرين مسألة تعود إلى طبيعة الشخص نفسه. ما الذي يقدر عليه عطاءً؟ وما الذي يستكين إليه أخْذًا؟ والناس في ذلك مراتب ودرجات، وبينهما تفاوت واختلافات. وقد يجرّ العطاءُ في بعض الأوقات وبالًا على من يسترضيه؛ لأنّ الإنسان الذي يستعجل الخير من عند نفسه يعمى عن الشرّ المحيط به. وقد يعتقد بعض الناس أنّهم في القليل الذي يعطونه إنّما يُكثرون من الخير؛ فيحسبون أنفسهم أهلَ الخير في الأرض. وثمّة من يُعطي من جيب غيره أو يظنّ أنّه شريك في رحمة الله بعباده؛ فيُنصّب نفسه داعيةً على العالمين وينسى ما عليه بين الخلق. وهناك من يريد أن يُعطيك لتردّ له العطاء سريعًا، فإذا أبطأت عليه أخذك بالحديد والنّار. ومن الناس من يسعى نحوك ليأخذ منك عينيك، فإذا انصرف عنه بصرك وعن الذين من حولك، انقضّ عليك بكل ما أوتي من قوّة. ومنهم من يغادرونك عند أول امتحان، فإذا خفّ عطاؤك لهم خفّت ألسنتهم عليك وأصابتك منها كلّ سهام قاتلة. وقد تُعطي من لا يستحق وأنت عنه غافل، وقد تأخذُ ممّن لا يؤتمن جانبه وأنت له قرين. وبين هذا وذاك تجد نفسك تائهًا بين العطاء والأخذ، لا تدري في أيّهما يكون لك خير ويكون عليك شرّ.
أخبار ذات صلة