العيون بلون السماء سماءُ. من أعطى لنظراتِك كلّ هذا العلوّ؟ من أرخى بأهدابك كلّ دهشة الأزرق البعيد؟ من همس للغيم في نومه أن يفتح مظلّة الغيب بين عيونِك الشّريدة ومطر حزني العنيد؟ تمتحننُا الأرض بالأحلام. قلتُ لك ذلك مرارًا. فلا تُصدّقي واقعًا لا يُعجبُك. غدًا نخرجُ معًا إلى الحديقة؛ كلٌّ منّا إلى قِبلته الوردة. غدًا سأُفاجِئُك بالأحمر يُضيء وجهي بأرقٍ طويل. لن أتصبّبَ عرقًا وأنا أقفُ في قفص الانتظار. سأكون هادئًا مثل لوحةٍ في متحف عظيم. وسيمرُّ على قبري الأمواتُ ولن يجدونني. ستُضيّعني الرياح التي تهبّ من أعماقِك نحوي بكل أطياف التّعب. والأوهامُ التي شدَدْنا خيوطها فوق رؤوسنا الأخيرة تُطيّرُ فستانَ عمرنا القصير. هل تذكرين الشمسَ التي تركت نمَشَها على كتفيكِ ثمّ خجِلَت منك؟ والقمرَ الذي رفعتِ ساقيك في وجهه فاخضرّ؟ والكمنجةَ التي رسمتُ لك عليها ثقوب قلبي بفارغ البنفسج؟ احتدمَ لحمُنا في محطّات القطار السريعة. فلا تأسفي على لحنٍ نام على رصيف الوتر. ولا تحزني على باقات الكلام التي تأخّرت عن مشافي الوجوه. لنا الليل كلَّه إن صحونا فيه أو نمنا، وإن تألمنا فيه أو ضحكنا. ولنا أحلامنا فوق الوسادة وتحت اللحاف. ولنا ما لنا من بأسٍ وشكيمة إن مسّنا حجرٌ أو جرفنا في طريقه نهر. جاء الوقت. فاتركيه على الباب غريبًا وافتحي له كلّ النوافذ. ذهب الوقت. فلا تودّعي معه أحدا. اخفضي جناحيك للرحيل، وغطّي بالوجوه المكسورة كلَّ المرايا.