بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

21 تموز 2022 12:00ص جاي تضبّني!!

حجم الخط
كان الفجر على وشك أنْ ينبلج.. والهدوء يهمس في صمت الليل الأسود.. فإذ بصُراخ طفل رضيع يرجُّ أرجاء الفراغ.. يبكي بألم ومعيار الحرقة في صوته يتصاعد.. حتى خرج من سُباتهم إلى شرفات منازلهم كل مَنْ يتواجدون في الحي.. مُستفسرين عن مصدر صوت الطفل الموجوع.. علَّ يد ما تبلسم آلامه.. أو تكون سبباً إبراء سقمه.. الأحياء مُظلمة والحر يلف الأرجاء.. والأسئلة تتوالى أين مصدر الصوت؟!.. وما هي إلا دقائق معدودة حتى ساد الهدوء.. واختفى صوت الطفل الباكي إلى غير رجعة.. لينفجر مكانه بركان عويل أُمٍّ ثكلى وغضب أبٍ مفجوع.. «مات الولد.. مات إبني يا عالم.. مات إبني يا الله لأنّ ما في كهربا ليتنفس.. يا رب».. وراح يكيل الشتائم لحُكّام قتلوا وليده بدم بارد.. قتلوا طفلاً لم ير من دنياه إلا أياماً كلها وجع وفقر وعذابات أكبر من أنْ يحتمّلها جسده الغض.. فطوى شراعه وغادر إلى جواره مَنْ لا ينسى ولا ينام.. في اليوم التالي كان تشييع الطفل.. والحي كلّه من كبيره إلى صغيره يسيطر عليه الوجوم.. وجع الروح أمضى من آلام الجسد.. ساروا في جنارته متوجّهين إلى المدافن.. فما كان من أحد نوّاب المنطقة إلا أنْ حاول برفقة «زعرانه» الانضمام إلى موكب التشييع.. فتوقف الجمع واقترب الأب المكلوم وهمس في أذن النائب.. «مندوب الأُمّة» المزهو بنفسه.. أوّل ما لمحت عيناه الأب الموجوع يقترب منه بادره بالابتسام.. لكن الهمسات في أذنه غيّرت ملامح وجهه.. فتبدّلت القسمات إلى الأسود كحل الليل في عز الظهيرة.. ونادى كلابه بضرورة الانسحاب.. وعلى الفور تعالت تكبيرات الرجال.. ومعها زغاريد النسوة.. ونُثرت الورود البيضاء على موكب الدفن العابر إلى الرجاء من دنيا الفناء..   
هو واقع عَبَرَ مرور الكرام في العاصمة بيروت منذ أيام.. وحتماً الكثير الكثير من المناطق اللبنانية المنكوبة بزعاماتها تعايش يومياً حالات أفظع وأفظع.. وليست كارثة شاحنة الحجارة وضحاياها ببعيدة عنّا.. لكن يبقى السؤال إلى متى سيبقى الغضب الإلهي يتقطّر على اللبنانيين.. فيحبوهم بقيادات من أعلى الهرم بتسوى (...) لن أقولها كي لا أجد القوى الأمنية «جاي تضبني»!!
أخبار ذات صلة