في الوقت الذي يربض فيه زورق الموت في قاع البحر تجاه طرابلس وبداخله من لم تكتب له النجاة من نساء وأطفال في الوقت عينه هناك تحركات دائمة على اليابسة لأهل يتألمون ويغضبون ويسألون: مَن المسؤول؟
هل المسؤول قائد الزورق؟ أم الحمولة الزائدة؟ أم مَن نظم رحلات الموت هذه من أجل الكسب المادي بغض النظر عن خسارة الأرواح؟.. أم؟.. أم؟
وهناك من يسعى جاهداً من خلال الاتصالات مع الخارج لتأمين المعدات اللازمة التي لا نملكها لانتشال الزورق من ظلمة القاع واستعادة أحبة في داخله.
الاجابة عن سؤال مَن المسؤول تتعدى تفصيلات غرق الزورق مع أهميتها الى اجابة قد تكون هي الأساس والغاية..
من أوصل الوضع الاجتماعي الى ما وصل اليه؟
من أوصل الناس الى تفضيل امكانية الموت غرقاً على الموت جوعاً ومذلة على اليابسة؟!..
فالفقر والحاجة يدعوان الانسان لتجاوز كل قواعد المنطق والعقل للقيام بمغامرة تقفز فوق كل ذلك..
عندما يعجز الاب عن تأمين قوت اطفاله هل يلام اذا فكر في ما فكر به؟..
عندما تصبح الحياة جحيماً دائماً ألا يتعلق الانسان ببصيص أمل في النجاة والوصول الى حياة كريمة بحدها الأدنى؟..
فليتوجه أصبع الاتهام الى المسؤولين عن حياة الناس وتأمين مقتضيات العيش بحدودها الدنيا..
هم المسؤولون الحقيقيون ليس فقط عن زوارق الموت بل عن كل ما يتعرّض له انسان هذا الوطن من امكانية الغرق في وحول الواقع المر..