بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

21 نيسان 2023 01:16ص فرحة العيد

حجم الخط
جاء العيد. نقول الحمدلله. لا علاقة للفرحة في قلوبنا بأحوال المدينة والبلد. وهي أحوال كما يعلم القاصي والداني لا تسر ولا تبعث على الطمأنينة. ومع ذلك نحن فرحون لأننا أتممنا شهر رمضان المبارك بخير وظفرنا بفرصة عمر جديدة، لعهد جديد مع الله سبحانه وتعالى. هي فرحة المسلم بلقاء ربّه في الدنيا عبر صلاته وصيامه وزكاته، وفي الآخرة بعد أن يُسلم الروح وهو في منتهى الاطمئنان والثقة برب عظيم وكريم. والفرح الذي يملأ قلوبنا بعد شهر من الطاعة الإيمانية التي تعيد تسديد بوصلتنا في الحياة لا يمت بأي صلة بالدوبامين والسيروتونين وغيرهما من هرمونات السعادة على ما يصف العلماء الماديون في الغرب. فسعادتنا غير سعادتهم. وما به تعمر قلوبنا وتصبر من خلاله على البلاء أنّى جاء وكيفما أتى، هو غير ما يحشون به قلوبهم بلحظات من السرور العابر والزائف. ففي سعادتنا لا مكان للأماني ولمتاع الغرور ولكل ما يفوت فواتا سريعا كالزبد من غير أن يمكث في الأرض منفعة للمؤمنين وللناس أجمعين. الحمدلله نقول لأنّ فيها عيدنا وفيها صلاحنا وفيها مجدنا الذي لا ينقطع ظلّه، وبها اعتصامنا الذي لا ينقطع حبله. وفوق ذلك فيها راحتنا الأبديّة وخلاصنا الأكيد. نعلم تماما أن الأشرار قد تمكنوا منا جسدا، وقد زاحمونا على لقمة عيشنا، فجعلوها مغمّسة بالذل أحيانا وبالدم أحيانا. ونعلم جيدا أنه لولا تخاذلنا وهواننا على أنفسنا لما استطاع هؤلاء أن يصلوا إلينا بهذه القسوة وبذلك الاجحاف والظلم الكبيرين. لكن كيدهم لم يبلغ إلى قلوبنا أبدا، وأيديهم لم تلطخ نصاعة صفحته وبراءة ذمته. فالقلوب لربّ القلوب. لا تغادر ساحة إيمانها مهما تكالبت عليها الأحداث ومهما اشتدت من حولها الفتن. هذه القلوب المقاومة بحق هي التي تعيش العيد، عيدها، في أعماقها وبين مكنوناتها ولا تلتفت إلى ما يدور على السطح وما ينزل عليه من أمطار سوداء. فللعيد أصحابه وروّاده وأحبّاؤه الأصليّون الذين لا يتزحزحون عنه قيد أنملة، والذين يتباركون فيه في السّراء وفي الضّراء ولا يبالون بهرمونات هنا وهناك يتصوّر أصحابها الموهومون الجاهلون أنّ من شأنها أن تعالج تعلّقنا بالسّماء. 
جاء العيد السعيد. وها نحن نفتح له صدورنا عن آخرها، مقرّين بالنّعم الربّانيّة وآملين بدوامها علينا ما بقينا أحياء نرزق من فضل الله. لذلك علينا في تلك الأيام أن نكثر من الابتسامات في وجوه بعضنا، وأن نصل أرحامنا ما استطعنا. وأن ندخل الفرحة إلى قلوب صغارنا خصوصا، بالمال والهدايا والرحلات لكي يتعلّموا منا أنه بالحمد والتوكّل  نتغلّب على كل الأحزان مهما عظم شأنها ونديم الفرحة في بيوتنا، فرحة الإيمان التي لا تضاهيها فرحة.  
أخبار ذات صلة