بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

18 كانون الأول 2023 12:00ص قناعاتنا من أين؟

حجم الخط
كيف نصل إلى قناعاتنا؟ سؤال تظلّ إجابته طيّ الكتمان حتى نطوي آخر صفحة من حياتنا. لا أحد يستطيع أن يقبض على قناعاته؛ فيجرّدها عمّا فيها أو يحاكمها من الخارج. فهي ليست سلاسل منطقية أو معادلات رياضية، والنّظر فيها لا يكون بغير قناعات أخرى تنضاف فوقها. نعيش بقناعاتنا بل في قلبها، ونقاتل الآخرين عليها، وفي كثير من الأحيان نصطدم بها من دون أن نُغادرها. وأخطر ما فيها أنها لا تتعلّق بالضرورة بأفعالنا التي تُغرّد في سرب آخر. كثير من هذه القناعات تبقى خارج التجربة ولا تخضع للامتحان العملّي، ما يجعلها في منأى عن المحاسبة والمراجعة ،مثل شيء يبقى على الرفّ ولا تمتد إليه اليد الفاحصة. نحمي قناعاتنا بقْدر ما تحمينا بدورها. وقد يجري عمر كامل ويصبّ في نهاية مأساوية، ونحن لا نعلم ما قد كنّا عليه، ولا ندري حتى كيف كان علينا أن نلتفت إليه، ولو لمرّة واحدة في حياتنا. وأوّل ما يُبرز القناعات في نفوسنا هي أنّها سريعة المواجهة مع قناعات مغايرة، سواء كانت عند الآخرين أم متروكة في الطريق. وفي تلك المواجهة يشتدّ عودها وتتفرّع غصونها وتتفتّح بتلاتها. ولطالما تجذبنا بنفسها إلى ما لا تريده نفسنا ولا ترضى عليه. فكيف نأتي إلى أنفسنا إذاً، أحرارا حقيقيّين؟ كيف نسأل بحق من نكون؟ وكيف نقول هذا ولا نقول ذاك؟ وكيف نرى ما نقول، ونقول ما لا نرى؟ وكيف يأخذنا موقف من قضية ويتركنا موقف آخر من قضية أخرى؟ أسئلة تترى لا نملك إزاءها سوى الظهور بقناعة جديدة، كأنّنا في متاهة لا سبيل للخروج منها. هل تشاركني هذه القناعة أم لديك قناعة مقابلة؟!
أخبار ذات صلة