بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

15 آذار 2024 12:04ص كرمى رمضان!

حجم الخط
ليل بيروت يتلألأ بالأضواء الرمضانية على غير عادة. ثمة شيء جديد هذه المرّة. بالأحرى إرادة جديدة أبصرت النور وسط خفوت الإرادات وهسيسها. بالتأكيد لا يتعلّق الأمر بالدولة وبمؤسسة كهرباء لبنان. كما أن الناس هم الناس يتغيّرون أكثر مما يُغيّرون. لم يبقَ سوى أصحاب المولدات الكرام. وحدهم أحدثوا الفارق الكبير بين الظلام والنور في الشوراع كما في منازل الصائمين. كرمى لشهر رمضان بالطبع. لا مراء في ذلك. لكن للضوء أيضا استعمالات أخرى حمّالة للمعنى. ضوء أحمر مثلا تمّ تقنينه حدّ الأخضر. وضوء أخضر لا نهاية لمآسيه تحت يافطة: دعه يمرّ! فالمولدات مرّت بسلام من غير حوادث ووفيات. وهي تكسر حاليا ظلام العاصمة بعصا عدّداتها الإلكترونية المزروعة كالشواهد فوق القبور في كل حي وزاروب ومفرق. وكأن لسان حالنا يقرأ فيها بصمت: هنا ماتت الدولة!  أضواء وزينة رمضانية. حسنا. لكنها أيضا أضواء دعائية، وزينة لمدينة ملاهي كبيرة. فالكلّ يلهو شاء ذلك أم أبى. بيروت تُضيء عتمتها بظلام المولدات التي حلّت مكان الدولة إلى أجل غير مسمّى. 24 ساعة من التغذية المستمرة في شهر رمضان تقطعها ثلاث أو أربع ساعات من بقايا الدولة على سبيل التنسيق غير المعلن. والجميع فرح بما لديه، يرى النقمة نعمة، والنعمة نقمة. ولا يتوقف ليسأل: كيف؟ ولماذا؟ ولا يتردّد في جواب، ليقول: لكنّ! 
"رمضان كريم" تلهج بها الألسنة في هذه الأيام الفضيلة كي تفتح الطريق أمام أعمال الخير للمحتاجين. لكن السؤال عن مصادر هذا الكرم وعن غاياته الحقيقية ليس طبقا يوضع على مائدتي الفطور والسحور! 

أخبار ذات صلة