بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

30 تموز 2021 12:00ص كلماتٌ بلون الجرح!

حجم الخط
تصعب الكتابة عليّ وتشقّ على قلمي الكلمات. ومع ذلك سأكتب تماماً مثلما يكتب شخص بصمته اعتراضاً يتيماً على المتكلّمين من حوله. 

لكن كيف تكون الكتابة في الظاهر محواً في الباطن بعدما امتلأت لبنانيّتنا بسَقْط الكلام. هل بقي لنا حديث لم تبدّده أرواحنا بعد؟ هل ما زال في الأبجدية التي اخترعنا حين كنّا فينيقيين حرفٌ يُنجّي عروبتنا في زمن تحوّلاتها الكبرى؟ 

نكتب لأنّ قدراً من الصمت المخزي يُثقل كاهلنا لعلّنا نرفع سطراً من نكباته المتمادية في هويّتنا كالصحراء البائسة. ونرفعُ ستائر الحبر لأنّ قدراً كبيراً من الكلام تنطق به شفاهنا وتخطّه يراعنا قد أصبح لطخةً دائمة فوق جلودنا. 

من أين لي أن أبتكر لغة أثق بها وتثق بي. لغة لا تخونني مفرداتها الكثيرة أو تعلّقني فوق خشب المعاني بلا أمل بمجاز يكسر رتابة الحقيقة. وأي حقيقة هذه؟ عندما تصبح الحقيقة شهوةً للجميع يبذلها مالكها الذي لا يستحق على ما يُديم المُتع العابرة بين جنباته. فلكل واحد فينا حصّة من الحقيقة تليق بكذبه. نُكذّب لأنّ الحقيقة أرخص الأشياء. 

من ذا الذي يتغطّى بالسماء حين تميد به الأرض على مرأىً من الجميع؟ هوذا أفقُ الوهم يتمطّى أمامنا. على حدّه تومض الكلماتُ بلون الجرح. نكتبُ نزْفاً كمن يقطف الأشواك بيدين عاريتين. وحده الألم يلبسنا كأشجار الليل. ويرخي طيور عزلته فوق رؤوسنا. الحديقة قد سيّجت وردها بعطر بعيد.  

أكتب الآن لكي أحمي ما صَمَد منّي من حكايات سيُرهقها الانتظار الطويل على حدود يدوّنها الصقيع بين القلب واللسان. أفتّش عن قارعة بين العواصف. عن جملةٍ حيّة بين كلمات القش. عن حزن حقيقي بين ظلال الفرح. وأفتّش عن وطن مُعافى بين خطّين للدم متوازيين وأبيض يزداد كل يوم سواداً! 




أخبار ذات صلة