بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

16 شباط 2024 12:00ص لا عروس ولا عريس!

حجم الخط
تتقلّب الأجيال وتتبدّل أحوالها وأفكارها. الخطأ كل الخطأ أن نغفل عن هذه الحقيقة وعن هذه الواقعة الصلبة التي لا مهرب منها. ما كان ينطبق على أجيال سابقة جسدا وروحا لا يصح أن يقاس على أجيال لاحقة. عنصر الزمن لا ينبغي إهداره أو التقليل من شأنه ومن ثم النظر إلى الأمور كأنها عصيّة على كل تغيير. فمقاومة الزمن مهمة شبه مستحيلة يجب على كل عاقل عدم التورط فيها. والزمان بما له علينا من دالّة يُبدل فينا النِسب والانتساب. فلا نقولنّ عن شيء أنه كذا أبدا، ولا عن جماعة أنها هكذا طولا. بل علينا النظر في الأحوال ما تبدّلت، وما صار أهلها إلى ما صاروا إليه من اتجاهات، وما وصلوا إليه من مراتب، وما عقدوا عليه النفوس من همم وتضحيات، أو ما سعوا إليه من مكاسب ومغانم. فإذا بالهويات تخوض غمار تحوّلاتها وانقلاباتها، تركب الأمواج العاتية وتتكسر على أكثر من شاطئ. والناس في أمورهم على مدّ وجذر دائمين. والولاة فيهم قائمون يوما وقاعدون أيّام. بينهم ما بينهم من فجوات تتسع، وعثرات تتراكم عند كل امتحان وبعده. وما من حال أسوأ من حال أفكار تتلاطم وتعبث ببعضها بعضا، ثم لا تثبت على حال ولا تجلس على جهة؛ لأن القديم فيها لا جديد له، والجديد منها لا قديم فيه. وبالتالي يضيع الخطاب في متاهات الكلام وزلّاته الكثيرة. وإذا ما ضاع الخطابُ، ضاع معه المُخاطِب، وكذلك المخَاطب. ونصير بذلك أمام عرس لا عروس فيه ولا عريس!   
أخبار ذات صلة