يوم غدٍ الجمعة يُصادف «الجمعة العظيمة».. لدى الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الغربي.. ومع حلول هذا اليوم كم من «درب جلجلة» سار عليها اللبنانيون.. قهراً وظلماً وجوراً وطغياناً.. كم من جلجلة ارتكبها اللبنانيون بحق بعضهم البعض.. فارتفع لصوص وزنادقة حروب إلى مصاف القادة والزعماء.. وهوى الشعب المسلوب إلى مصاف «الأرقام»..
أرقام بين عديد ضحايا تفجير مرفأ بيروت.. أرقام بين ضحايا الموت على أبواب المستشفيات.. أرقام بين طوابير السيارات محطات المحروقات.. أرقام معدودات بين ضحايا الفقر على أبواب المصارف.. أو ضحايا الجوع سعياً للحصول على لقمة خبز.. ولا ننسى أرقام ضحايا «أفضلية المرور».. والسلاح المتفلّت والرصاص الطائش.. وسواها من أساليب الموت المجاني..
في قواميس العالم نحن شعب يحب الحياة.. لكن أي حياة هي التي تعجز عن التمتع بها.. فتعيشها قهراً وذلاً وتغادرها «ناقص عمر».. أي حياة ولا تدري طفلة تحتفل بأحد الشعانين وبميلاد الحياة والأمل.. أنّ الموت ينتظرها بسبب رصاصة «معتوه» أطلقها في الهواء.. فكانت نهاية ربيع لم تتفتّح براعمه بعد أو حتى تبتسم أزاهيره..
في قواميس العالم حققنا رقماً قياسياً ودخلنا «غينيس» في أطول نهر نفايات في العالم.. ورغم أنّ هذا العالم كاد أن يبدّل هذه النظرة.. ويرفعنا إلى مصاف الأمثولة.. يوم خرجنا في «7 تشرين الثاني 2019».. متجاوزين الطوائف والمناطق والملل والأحزاب والتيارات.. ولا تجمعنا إلا الوطنية وصرخة الجوع والوجع.. لكن ها نحن اليوم أمثولة «للنعام الغارق في تراب الخضوع».. الدولار اغتصب الليرة.. و»شرفها ضاع فراطة في سوق النخّاسين».