لا أريد لكتابتي هذه المرّة أن تدلّ عليّ. فقد سئمت منها مثلما نسأم من أكلة نحبّها أو من وجهٍ لنا في المرآة يصحو وينام معنا. لكن سأكتبُ لأمرّر الحروف إلى غيري فلا أبينُ بين الجمل ولا يظهر عبوسي ولا ابتسامتي بين شفاه الكلمات. أنا اليوم حرّ من المعنى إن سقط أو علا، وإن غمُض أو تلألأ. هكذا أَرى الطّبق أمامي ولا أشتهيه، والنّهر إن عزفت مياهُه تحتي لا أنزل فيه. فأنا واقف وحدي على فراغٍ أوّل السّطر، أكاد لا أُرى لذاتي بل لغيري مثل ساعة حائطٍ قديمة في مخفر للشرطة. سأكون مثلكم قارئًا وناظرًا على قطيعٍ من الكلمات لا أملك حظائرها، أو متأمّلًا في عشبٍ بهيج تملأ ألوانه رئتي. ومثلكم سأتنفّس على إيقاعات بحريّة حين يصدمني الموج ويهاجم الملح عيوني.
أُحيلكم إلى مقاطع قصيرة كتبتها إنسانة جلّ مأساتها أنّها لبست إنسانيتها فشعرت بالصّقيع.
قليل من الضوء يكفي ليرسم لنا صباحا ....
ليجعل هذا الفضاء المتوج بالغيم مسترخيا.
وقليل من الحب يكفي ليغسل هذا المكان الذي جاء بعدنا وهذا الزمان الذي كان يحبس قلوبنا... ليغسل كل الوجوه التي اختنقتبغبارالحنين وتلك التي اختفت بالهموم وتلك التي لاترى.
وتلك التي بعد جهد ترى والقلوب التي في المنافي وتلك التي تكتفي بالقليل لتسعد ...
فهناك على الجانبِ الآخرِ من الحلمِ ..وعد لقاء .. بدايةُ صيفٍ ..وعقود الياسمين ..فلا تنسى...
اللقاء عيونهم أما الكلام فهو حجة.
بين الحزن والسعادة ، تعترض ! لأن الحزن يؤذيك والسعادة أبعد منك
بين الصمت والصوت أنت لأن الصمت أخف منك والصوت يلجمك....
بين الأسف والمسرة تسكن لأن الأسى يلازمك والمسرة أكبر منك....
بين الحب والكره تخلد لأن الحب يتعبك والكره ينتقم منك ....
بين الشي ونقيضه دائما تكون ...بين الأبيض والأسود
لأنك الضحية!