بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

5 حزيران 2020 12:00ص لسنا بخير!

حجم الخط
يُدرك ذلك الجميع: العالمون ببواطن الأمور، والواقفون منها على ظاهرٍ، وحتى العرّافون إذا ما خلوْا إلى شياطينهم، فيُلقّنونهم سوءَ الطالع فينا. لسنا بخير: لا صباحاً ولا مساءً، لا اليومَ ولا غداً. لسنا بخير، ولا عزاءَ لنا في نوازلَ استنزلناها حتّى صارت لنا منازلَ. 

لسنا بخير، ولا رجاءَ لنا في أحدٍ إلا الله. أولئك الذين سرقوا الخيرَ من أرواحنا فجعلونا ضالّين، ومن قلوبنا فجعلونا حاقدين، ومن أيدينا فجعلونا مُذنبين، ومن جيوبنا فجعلونا فقراءَ مساكين. أولئك الذين باعوا وطناً بشعبِه ليشتروا بثمنه جنةً لهُم ولأولادهم، يحسَبون أنّها لن تبيدَ أبداً، أو تأتيَ عليها حرائقُ الظّلم التي أشعلوها في نفوس المضطّهدين من الناس. 

أولئك المتلاعبون بالعقول وبالأديان وبالقوانين، بما تُمليهِ عليهم مناصبُهم وكراسيهُم وحاشيتُهم من حولهم، يكتمونَ الحقَّ بأفواههم، ويكتبونَ بأيديهم الباطلَ شريعةً للذئب على الحَمَلْ. أيّ أملٍ في هؤلاء، وأيّ مستقبلٍ بهم، وأيّ تحرّرٍ وتحرير من ورائهم؟ معَهُم جربّنا كل شيء. صدّقنا كثيراً وكذّبنا أعيننا. حلِمنا طويلاً وتغافلنا عن كوابيس ليلِهم المُرْعِبة. 

قلنا غداً ربما يصطلح الحالُ وينقشع ضبابُ الخلافاتِ بينَهم؛ فيخرجُ الوطن للتعافي من دار إقامته الطائفيّة التي فُرضت عليه إلى الحديقة الرَحْبة التي اعتُقلت أزهارُها، وصودرت أشجارُها، ولوحقت عصافيرُها بالرصاص والزنازين. لكن أنَّى للنفوس المريضة بالكِبْر والطغيان أن تشفىَ، وللقلوب العمياءِ بالسلطة والمال أن تُبصر! ذهبنا كالقطيع خلفَ خُيَلائهم وخَيَالاتهم، وعُدنَا جميعاً بخُفيّ حُنيْن، نجرّ وراءنا أذيال الخوف والجوع والحجز في الأموال والأنفس البريئة والكريمة؛ وهاكُمْ في النهاية حالَنا: لسنا بخير! كلّ شيء يصدَحُ بهذا: الجبلُ يقول لست بخير، البحرُ يقول لست بخير، الهواءُ يقول لست بخير، القضاءُ يقول لست بخير، الأمنُ يقول لست بخير، التربيةُ والتعليمُ يقولان لسنا بخير، والجمهورية تقول لست بخير! وأعلى من كل الأصوات، يصرخُ المواطن اللبنانيّ: أنا لست بخير!

أخبار ذات صلة