بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

23 شباط 2024 12:00ص مُمسكاً بالوقت!

حجم الخط
أجلس. أقف. أمشي. ثم أُعيد الكرّة على النحو نفسه. الزمن يسير في خطه اللانهائي المعتاد. كل الفترات فيه متساوية. فنجان القهوة الذي يبرد أمامي أسرع من رشفاتي، يخفي تحت سواده الكثير من الموت، في مكان ما. مكان لا يبعد عني سوى القليل.  أجلس فتجلس معي أفكاري. أقف فتقف فكرة في رأسي. أمشي فتتركني وحدي. أرجع فأجدها قد غادرت مقعدي. لا تمنحنا الفكرة نفسها مرتين. أجلس فيهدأ دمي. قلبي يتحدى الجاذبية في متاهات عروقي. أحاول أخذ نفس عميق فأتعثر. ليس لي غير أنفاس قصيرة، لعلها من طبيعة فوق بنفسجية. أتناول ورقة بيضاء للتوّ. أدون عليها سطرين بالكاد. لكن لا يثبتان. فليس عندي حبر الآن لأشهد على ما أقول. أقلق من الوقت. أرفع الغطاء فوق رأسي عند النوم. لكنه يمرّ. أتوقف عن الحركة تماما وأغلق فمي بيدي الملطختين بالنعاس. لكنه يمرّ. أخرج إلى الهواء البارد. أنظر إلى القمر الجار. لماذا يلبس كفنه عني؟ أرجع إلى غرفتي. أشعل الضوء فأراني وحيدا. أدخل جناح الظلام مجددا. هناك لا أرى شيئا. لكن الحاضر يحضر. والماضي لا يسمع. والتاريخ لا يسمع. وقلوبنا لا تسمع ولا ترى. لماذا يا ترى؟ أعلى من أسئلتنا تنتصب الإجابات وتبتعد عنا أكثر فأكثر. أفتح دُرجي الصغير. أحشر كل ساعات اليد التي اشتريتها فيه وأغلق عليها  الضوء الخفيف بالمفتاح. ثم أعود إلى فراشي مثل محارب مظفّر في ساحة فارغة. أحاول أن أنام بلا صوت. فأحلامي عادة صامتة. أقلق مجددا. أتقلّب مثل صفحات قاموس بين يدي باحث عجوز. أفكر طويلا، أفكر قليلا. أفكر أنني أفكر، وأنني موجود في هذا الحاضر تحت جفوني الثقيلة. أغفو. لا أعلم عما فعلت شيئا. وحين أصحو فجأة، أجدني مُمسكاً بالوقت!   
أخبار ذات صلة