بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

31 آذار 2023 12:33ص مثل فنجان شاي

حجم الخط
وأحلُم أنّ الجدرانَ تُكلّمني وأُصغي لوجع ذاكرتها الحجرية. أطردُ الأثاث من غرفتي وأُنصتُ للصدى. في كل ركنٍ علّقتُ سؤالاً كمفاتيح لأبواب بصَقَتْها الجدران. نوْدِعُ الوداعَ في الحجر. فالأحجارُ تتحمّلُ وطأة الغياب أكثر منا. والغيابُ يقف على أكتاف الحجر ليُعدّل جريانه في النهر كلّما أتعبتهُ الذاكرة. وصخرةٌ شربَتْ الحُلْمَ وطارتْ مثل ريشة. ونامَ الصبيُّ ليلتَه في السماء، وحَلِم أنّه في حفرة. السماءُ حفرٌ تقود إلى حفر. كان سعيداً عندما فارقَ الحياة. ابتسمَ له الموت فردَّ بابتسامة. هكذا قال رفيقٌ له أخطأتهُ رصاصة. فالرصاص يُخطئ مثلَنا ويستغْفر كذلك. وكنتُ أحلُم كثيراً، قلتِ لي في السرير مرةً، وأتغطّى في الحُلم كثيراً، أتغطّى بالحُلْم قليلاً. وعندما أجهشتِ بالبكاء في حلْمك لأني سقطتُ عن نجمةٍ مضرّجاً بأحلامي، كنتُ شهيداً في حلْمٍ أيقظتني منه دمعةٌ أخطأت موتي. وأذكر أنّ صنّيناً كان بارداً عليك وقلبي دافئاً مثل فنجان الشاي بين يديك. ونظرنا إلى البعيد معاً، كلٌ إلى جهةٍ في البياض، وكانت الجهاتُ واحدةً بيننا من شدّة ما كان البياضُ يخدَعُنا. وألقيتِ رأسَكِ الجميل على كتفيَّ حين كنا معلّقين في السماء، كجوابٍ ناصعٍ عن جميع أسئلتي. قلتِ أحبُّكَ، وانكسرَ الهواء المُثلّجُ على شفتيكِ كالمرايا، وتناثر في محيط عينيَّ كالضباب، فلمْحتُ صورةً على الجدار تنامُ وتُلقي في أحلامي أحلامَها. وكان تموزُ بارداً مثل بلاط قصرٍ مهجور. وكنتِ تُعلّقين شمساً صغيرةً في عنُق النهار، وتنتظرين الصيفَ برباطة جأش. وكنتُ أسألُكِ حيناً وتسأليني حيناً، فيتّسعُ الليلُ بيننا، ونغرقُ في الحُلُم معاً. 
أخبار ذات صلة