بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

23 حزيران 2023 12:00ص من هم الناس؟

حجم الخط
من هم الناس؟ سؤال لا مناص من الإجابة عنه لمن أراد الخوض في الشأن العام أو التعامل مع الناس حدّ التفنّن. ولا يوجد في ذلك قول واحد، بل أقوال شتّى بحسب ما يحكم زاوية النظر إلى الناس ويُعيّن الحاجة إليهم. ففي نهاية المطاف نحن جميعا من الناس وإلى الناس نعود. لكن حالما يتّخذ أحدنا وضعية تفوّق ويشعر بالانفصال عن الآخرين، سواء في سلطة أو في جاه أو في مال، ينطرح عليه هذا السؤال الغامض: من الناس؟ ولا ريب أنّ القادة السياسيين هم المعنيّون أكثر من غيرهم بضبط إجاباتهم على وقع انتظاراتهم وتبدّلات مصالحهم وظروفهم. لا يأمل مني قارئي العزيز أن أقدّم له مخرجا سالما. كلّ ما أقدر عليه، هو دعوته إلى إعادة التفكير في المسألة. فالذين نقول عنهم الناس قد يكونون الجماهير الغفيرة أو المناصرين المتحمّسين أو أفراد المجتمع المدني أو حتى جموع المؤمنين في عالم سريع الانقسام إلى ثنائيّات متضاربة. وقد ينقلب الناس في عيون السلطة فجأة إلى دهماء أو غوغائيين أو مثيري الشغب. ومع ذلك فالناس، ما الناس؟ هم في سياق ما: جُماع الأقوال والافتراضات والمسبّقات الفكرية والعقدية والمواقف والأعراف وكل ما يمتّ إلى العقل الجمعي بصلة. وبهذا المعنى يكون للناس في كثير من الأحيان ما يريدون حتى حين يعتقد السلطان أن إرادته هي التي تكون. ماذا يريد الناس؟ سؤال ينبغي أن يسبق السؤال عما نريده نحن من الناس. ليس على سبيل العدل أو الاحسان أو الكرامة بل بحكم الأمر الواقع. على القائد أن يُطيع الناس بقدر ما يُطوّعهم، وأن يقودهم إلى ما يُحب بقدر ما يقودونه إلى ما يكره. تلك هي المعادلة الصّعبة التي يكون أحد طرفيها الناس. ومهما خُيّل إلينا في وقت ما أننا في النقطة الأبعد عن الناس، فإننا نكون على العكس تماما في النقطة الأقرب منهم إن لم نكن في المركز أحيانا. ولنعلم أن الخيبة من الناس واقعة لا محال. إذ الرهان على الطاعة والانقياد ليس أبديا ولكن بصلاحية محدودة. ومن يعرف الناس حق المعرفة يُدرك جيدا أن الناس حملٌ ثقيل لا يستطيع تحمّله طوال الطريق.
أخبار ذات صلة