بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

19 أيار 2023 12:00ص مهمّة عاجلة!

حجم الخط
بالأمس خسرت بيروت مؤرّخًا كبيرًا له ما له من اسهامات جليلة ومنارات أضاءت تاريخ المحروسة وسيّدة العواصم العربية. ومن قبلِه فقدت بيروت مُفكرًا ومُثقفًا وصحافيًا وقياديًا. وغدًا ستودّع من رجالاتها كبارًا آخرين. الخسارة في هذا المقلب أمرٌ لا مفر منه ما دام الموت سنّة الله في خلقه. يذهب الكبار فيحمل عنهم الصغار الأمانة ويتابعون من بعدهم الرسالة. فكل جيل يعضُد الجيل الذي يسبقه حتى يستمر دفق الحياة بالوتيرة نفسها دونما تراجع ومن دون أن تخبو شعلة الأمل في نفوس اللاحقين فيصبحون شتيتًا سهل المنال والانقياد. عندما نفقد رجلًا كبيرًا إلى أي ميدانٍ انتمى نحزن جميعًا ويصيبنا القلق. نخاف على المستقبل الآتي. وقد نتوقّع في بعض الأحيان الأسوأ. لكن من قلب تلك الهواجس ينبجس فجرٌ جديد يحتاج إلى عناية الأيقاظ والمتأمّلين في تردّي الأحوال وانكفاء الرّجال وتبلبل العقول. وهذه مهمّةٌ لا تُلقى أثقالها إلا على عاتق الجماعة القادرة والمقتدرة التي لا تأخذها محنةٌ إلا وقد شقّت لسبل الخروج منها ألف طريق. في بيروت لا يزال الضوء خافتًا. ولا تزال خسارة الأعلام موجعةً بأكثر مما تحتمل المدينة الكريمة التي قدّمت للوطن قلبها وحياتها وراحتها وأخذت من جراحه الحصّة الكبرى. الفقْدُ الكبير يحتاج إلى تعويض سريع من حجمه، والخسارة الكبيرة ينبغي أن يُقابلها مكسبٌ أكبر، والحزن القاتم على نهاية حقبةٍ ما يجب أن تتبعه فرحةٌ عظيمة بانطلاق حقبةٍ جديدة. والوداع المهيب حريّ به أن يلاقيه استقبالٌ عظيم. حبلُ الوصل هذا لا يجوز له أن ينقطع أبدًا حتى لو تركه بعض القائمين على غاربه. الموت حقّ. بيد أنّ الحياة أيضًا حقٌ يجدر بنا صونه. ولأنّ الفكر الصحيح حياةٌ كاملة، فإنّ صيانة أنفسنا وحياتنا تقتضي منا البحث عن خلفاء صالحين وعن كفاءات ومواهب وعن مفكرين ومثقفين وسياسيين ومؤرّخين وعن مستقبليين حقيقيين بأجلى معاني المستقبل النظيف والمثمر.إنها لمهمةٌ عاجلة، وفي ذلك فليتنافس الصادقون.
أخبار ذات صلة