بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

12 شباط 2021 12:32ص نعم إنّها القرون الوسطى أيها اللبنانيون!

حجم الخط
لو قلنا أنّ لبنان قد أصبح بلداً من القرون الوسطى لما جانبنا الصواب أبداً. حقاً نحن اللبنانيين نعيش في القرون الوسطى. ولكي نقطع الطريق على المتربّصين بكل صرخة وجع مشدودة على قوس الحق نقول: الدين الذي بعثه الله نوراً للوجود، ومنهاجاً للحياة، ورحمة للناس، هو لكل القرون. ولكن ما أبعدنا اليوم عن هذا النور الذي استبدلناه بظلمة حالكة، وعن هذا المنهاج المستقيم الذي استبدلناه بمسالك معوجّة وطرق ملتوية، وعن الرحمة الواسعة التي استبدلناها بضيق العين وغلظة القلب. وها نحن نكاد نختنق ونموت بلا رجعة؛ إذ نُصرّ على أن نتنفّس من تلك القرون الخالية كربونها الأسود. الشعب والحكام في ذلك سواسية، لكل منهم ما اكتسب من الإثم. فلا خير في شعب يُعلّق مصيره على مشاجب الخوف، وفي حكّام مجهولين، بلا نسب، مقطوعي الصّلة فوق كراسيهم الصغيرة عن أيّ مشروع حضاري. ألا نسأل أنفسنا ماذا صنعنا من شرّ حتى انحسر الخير عنا؟ ألا نشعر بتبكيت الضمير أنّ العدو أكثر وحدةً وتقدّماً منا؟ ألا نخشى من أجيالنا المقبلة أن تلعننا بألف سيف وقلم؟ ألا نخجل من وجوهنا الوقحة حين نُمعن في توريثها حطامنا المفتوح؟ ألا نرى دول العالم من حولنا كيف تفتح ذراعيها للمستقبل؟ فلمَ نُغلقهما نحن على كوابيسنا الواعية وعلى أحقادنا الدفينة؟ ولمَ نرضَ أن نكون كرةً بين أقدام تلك الدول ومصالحها؟ لماذا نريد أن نتحوّل إلى نزوة في نفس سلطان طامح؟ نعم إنّها القرون الوسطى أيها اللبنانيون، تفردُ أجنحتها فوق رؤوسنا المبلّلة بالخيبات، وتكلّل هاماتنا بالخسارات، وترمي بنا في أتون عذابات لا تنتهي فصولها. نعم بنينا ما تهدّم من قبل، لكن ها نحن نُعيد هدمه من جديد بنفس المعاول القديمة. نعم حرّرنا أرضنا وانتصرنا على العدو الغاشم، لكن ها نحن نستنبت الهزيمة فينا مجدداً بنفس المطامع القديمة. كيف لا نستشرف السقوط وقد صار أقرب إلينا من أيّ حبلٍ للخلاص؟ نعم إننا بحاجة لحبل متين، لكن فقط لإنزال الستارة!

أخبار ذات صلة