بيروت - لبنان

اخر الأخبار

حكايا الناس

4 كانون الأول 2023 12:00ص هذا العالم!

حجم الخط
هذا العالم لا يفهم ولا أمل في أن يفهم. وهذا العالم لا يتكلم العربية، ولن يتكلمها ما دامت العرب نفسها لم تعد تتكلمها. سيظل صامتا على مجازرنا ومتفرجا على أنهار دمائنا وسوف لن تؤذيه أكداس لحمنا المحروق. ونحن نخشى هذا العالم الذي تغلغل فينا حتى العظم فأنسانا من نكون حين نحيا. فقط عندما نُقتل نتذكر كينونتنا. حين يفوت دمنا كل مواعيد الأرض ويطير كحمام جريح نحو سماء هي أقرب الينا من أنفاسنا الأخيرة. هذا العالم همجي بأكثر مما نتخيل. كان وسيبقى كذلك. صراخ الضحية لا يسمعه واستغاثات المظلوم لا يلتفت اليها والأوجاع العميقة للأمم لا يقيم لها وزنا. فكم من أمة قد اقتلعها ومحا آثارها تماما. عالم لا يحترم بأي شكل من الأشكال الضعيف بل مستعد لأن يسحقه بدم بارد لأنه -في نظره - لا يستحق البقاء الذي هو للأقوى فقط. هذا هو القانون الوحيد الذي يفهمه العالم ويطبقه بنجاح أينما كان. أما ما خلا ذلك من قوانين تدّعي حقوقا للإنسان فذلك لذر الرماد في العيون وتضليل شعوب العالم التي ليس أمامها أحياناً غير تصديق الشعارات على مضض وعلى خوف. لكن الباحث عن العدل أو عن  دفع الظلم عن نفسه أو عن غيره ليس أمامه غير المواجهة الشاملة أحيانا. إذ أي خيار لديك بين الموت والموت؟ وبين المجزرة والمجزرة؟ كيف عليك أن تواجه قرار إبادتك؟ هل تقبل بالموت كـ«حيوان بشري» كما يصفك عدوك أم تنتصر على الموت بالموت؟ موت لا يعرفه عدوك ولا يصل إليه أبدا. موت يزلزل موازين القوى مهما كان العدو غاشما. موت رفيع جدا مثل خيط الفجر عند آخر الليل.
أخبار ذات صلة