صحافة أجنبية

24 شباط 2024 12:01ص من إعلام العدو: إسرائيل تصل إلى قمة باريس مع 3 خيارات

حجم الخط
عاموس هرئيل

ستُعقد في نهاية الأسبوع جلسة ثالثة خلال أقل من شهر في باريس، وسيكون التركيز فيها على صوغ صفقة جديدة لتحرير الرهائن، قبل بدء شهر رمضان في 10 آذار/مارس. وسبقت الجلسة قمة رباعية جمعت سياسيين ورجال استخبارات من الولايات المتحدة وإسرائيل ومصر وقطر، بدأت في باريس، وانتقلت إلى القاهرة. هذه المرة، يرافق القمة بعض التفاؤل، لكن ما زال مصدر هذا التفاؤل غير واضح، وهل مصدره وجود تقدُّم حقيقي من أجل تجسير الفجوات، أو أنه نابع من الشعور اليائس أنه من دون تحقيق اختراق، سيُحسم مصير الرهائن (وأيضاً مصير رفح والـ1.3 مليون فلسطيني الذين نزحوا إليها).
الشخصية المركزية في المبادرة الجديدة رئيس الـCIA، ويليام بيرنز. الأميركيون يضغطون على مصر، وبصورة خاصة على قطر، على أمل تمرير رسالة أكثر حدّة إلى قيادات «حماس» في قطاع غزة والدوحة، لإبداء ليونة أكثر في المواقف. ولا يزال الوسطاء يواجهون صعوبة في التجسير بين مواقف قيادات «حماس».
التواصُل ضعيف ومتقطع وغير مباشر بين المكان الذي يختبىء فيه قائد «حماس» في غزة يحيى السنوار، وبين العالم الخارجي. يبدو أن قائد «حماس» في الخارج إسماعيل هنية يحاول، على مدار الأسابيع الأخيرة، تخمين ما يريده السنوار، في الوقت الذي يقوم بصوغ ردّ «حماس» على المقترحات. ومن دون تدخُّل ثابت من السنوار، سيكون من الصعب الاتفاق على صفقة، لأن قيادة الخارج لا تستطيع أن تبدو أكثر ليونةً من قيادة الداخل التي تتحمل ثقل القتال. مصادر مصرية قالت يوم أمس لصحيفة «وول ستريت جورنال»، إن «حماس» قلّصت مطالبها بشأن إطلاق سراح الأسرى في الصفقة، وتريد الآن 3000 أسير.
حالياً، تتحدث إدارة بايدن عن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بلهجة لم تُسمع في واشنطن حتى عندما صمم نتنياهو على إلقاء الخطاب في الكونغرس، في سنة 2015، ضد الاتفاق النووي مع إيران، على الرغم من معارضة الرئيس، حينها، باراك أوباما. جو بايدن، الذي كان نائب أوباما، مقرّب من إسرائيل أكثر من سلفه الديمقراطي في المنصب. لكن يبدو أن صبر واشنطن نفذ إزاء كل ما يخص موقف نتنياهو وتصريحاته وألاعيبه. يبدو أيضاً أن حجم الدعم الدولي الذي تمنحه واشنطن لإسرائيل بات موضع شك، بمرور الوقت.
المقترح الحالي الذي سيتم نقاشه يشبه، على كثير من الصعد، ما وافقت عليه إسرائيل سابقاً (وتراجعت عنه) في باريس في منتصف كانون الثاني/ يناير. في المرحلة الأولى، يدور الحديث حول الإفراج عن 35 رهينة بدوافع إنسانية- نساء؛ عجزة؛ مرضى؛ مصابون؛ من الممكن أيضاً جنديات، في مقابل وقف إطلاق نار لمدة 45 يوماً، يضمن الهدوء خلال شهر رمضان. أمّا في الدفعة الثانية، فمن المفترض أن يتم الإفراج عن بقية الرهائن، جنود ورجال تحت سن الخمسين عاماً، بالإضافة إلى استعادة الجثث. حتى الآن، أعلن الجيش مقتل 32 رهينة في القطاع من أصل 134. وهناك خوف كبير على حياة الرهائن الآخرين. بعضهم لم تصل منه رسائل حياة منذ «مذبحة» 7 تشرين الأول/ أكتوبر؛ وآخرون بسبب وضعهم الصحي. يبدو أن الدفعة الثانية سيتم الإفراج عنها في نهاية القتال، ومع الانسحاب الكامل لقوات الجيش من قطاع غزة.
يأمل الأميركيون بأن يؤثر وقف إطلاق النار في غزة في حزب الله أيضاً، ويؤدي إلى وقف إطلاق النار على الحدود الشمالية. وفي السيناريو المتفائل، فإن هذا الوقت سيكون كافياً للتوصل إلى اتفاق يُبعد قوة الرضوان عن الحدود، ويعيد السكان الإسرائيليين إلى منازلهم. حتى الآن، يعلن حزب الله أنه لا يوجد ما يمكن التفاوض بشأنه قبل وقف إطلاق النار في القطاع، وإسرائيل لا تصدق الوعود الأميركية بأنه من الممكن إبعاد قوة الرضوان من دون استعمال قوة كبيرة.
التوصل إلى صفقة تبادُل رهائن في وقت قريب هو أحد الخيارات الثلاثة لدى نتنياهو، على أمل أن توافق «حماس» على إبداء ليونة في بعض المطالب «المتطرفة» التي وضعتها. اتفاق كهذا سيكون منوطاً أيضاً بتنازلات ليست بسيطة من طرف إسرائيل، ومن ضمنها تحرير أسرى فلسطينيين من ذوي الأحكام العالية في المرحلة الأولى كما يبدو. يمكن أن تواجه الصفقة معارضة داخل الحكومة، بعد ملاحظة سموتريتش المقلقة، الذي قال في مقابلة مع راديو «كان»، إن «الرهائن ليسوا أولوية أولى في سلّم الأولويات».
السيناريو الثاني يتحدث عن إمكان استمرار القتال خلال شهر رمضان. وهو ما يمكن أن يتضمن اجتياح الجيش لرفح، وبعدها تعود إسرائيل إلى طاولة المفاوضات، ويمكن أن تناقش «عقيدة بايدن»، الخطوة الأميركية الشاملة التي تتضمن ترتيبات إقليمية جديدة. إلّا إن الحديث هنا يدور حول مخاطرة، ويجب الأخذ بعين الاعتبار حدوث تدهور كبير في الوضع الإقليمي بسبب اجتياح رفح، وسيؤثر أساساً في المجتمع الغزي من المدنيين.
أمّا السيناريو الثالث، فهو استمرار ما هو قائم: سيستمر نتنياهو في استفزاز إدارة بايدن والتشديد على النصر المطلق، ويتهرب من صفقة تبادُل الأسرى- ومن الممكن أيضاً أن يدفع حزب «المعسكر الرسمي» إلى اليأس والخروج من الائتلاف، وأن يبقى مع الشركاء الحريديم وأحزاب اليمين المتطرف. وعلى الرغم من ذلك، فإن مصادر في الحكومة تقول إنه لا يجب إلغاء احتمال أن يقرر نتنياهو التوجه إلى اليسار بصورة مفاجئة. الولايات المتحدة والسعودية تقومان بجهود كبيرة جداً للدفع بصفقة إقليمية يمكن أن تُطرح كعنوان للسياسة الخارجية لإدارة بايدن، تحضيراً للانتخابات الرئاسية المقبلة في كانون الثاني/ نوفمبر.
لا تزال السعودية تستثمر في إمكان التطبيع مع إسرائيل، كجزء من صفقة أكبر تتضمن حلفاً دفاعياً بين الرياض وواشنطن، وتزويد الرياض بأدوات قتالية متطورة والموافقة على تطوير خطة نووية مدنية. هناك اعتقاد في واشنطن، وأيضاً في بعض دول المنطقة، أن نتنياهو لم يتنازل كلياً عن هذا الحلم. الحوارات في هذا الشأن لا تزال مستمرة طوال وقت الحرب.
وبصورة غريبة، يبدو أن القرار الخاطئ والغريب الذي دفع به نتنياهو داخل «الكابينيت» في بداية الأسبوع، عندما استجاب لضغوط بن غفير، وفرض قيوداَ على صلاة المواطنين العرب في إسرائيل في المسجد الأقصى، أدى إلى زيادة التخوف لدى الوسطاء. أحد الحسابات المركزية التي يتم أخذها بعين الاعتبار للدفع بصفقة عاجلة، هو التخوف من اشتعال الأوضاع مرة أُخرى في القدس والضفة الغربية، وذلك بسبب حلول شهر رمضان، وبدوافع دينية.
وفي الوقت نفسه، تزداد عمليات إطلاق النار في الضفة وداخل الخط الأخضر بسبب الحرب في غزة والتوتر حول المسجد الأقصى. صباح أمس، قتل «مخربون» مواطناً إسرائيلياً، وأصابوا 10 آخرين في عملية بالقرب من حاجز في «معاليه أدوميم». هذه العمليات تعكس توفُّر السلاح في الضفة والقدس.
ما يشغل نتنياهو من دون توقف، الآن، بحسب مصدر يعرفه منذ 10 أعوام تقريباً، هو اغتيال السنوار. رئيس الحكومة يريد تحقيق إنجاز بارز، صورة نصر يمكن تقديمها أمام الجمهور في إسرائيل، حتى لو كان الاعتقاد أن مقاتلي «حماس» سيستمرون في القتال بعد قتل قائدهم. إنه يبحث عن إنجاز رمزي يكون بمثابة ردّ ملائم للضربة التي تلقّتها إسرائيل في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. بعد ذلك، يمكن البدء بالدفع بصفقة تبادُل والذهاب نحو وقف إطلاق النار...

المصدر: هآرتس
اعداد: م. د. ف