بيروت - لبنان

اخر الأخبار

صحافة أجنبية

14 آذار 2024 12:11ص من إعلام العدو - إسرائيل زادت في المخاطرة بمواجهة حزب الله في الشمال

حجم الخط
عاموس هرئيل

وسّعت إسرائيل عملياتها الهجومية في لبنان بصورة كبيرة، وعادت إلى قصف أهداف في منطقة بعلبك في لبنان، البعيدة نحو 70 كلم عن الحدود. والأهداف التي هوجمت هذا الأسبوع شملت مواقع عسكرية ذات أهمية كبيرة بالنسبة إلى حزب الله. لقد ردّ التنظيم الشيعي بزيادة عدد الصواريخ والقذائف التي يطلقها، لكنه حتى الآن، لم يهاجم أهدافاً أبعد في عمق الأراضي الإسرائيلية. التصعيد الأخير هو مبادرة إسرائيلية تقرّب الطرفين من حافة حرب شاملة، حاول الطرفان منعها منذ نشوب الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
هذه الخطوة تعبّر عن زيادة المخاطرة الإسرائيلية، على أمل أن تتراجع قيادة الحزب تحت وطأة الضغط العسكري. يجري هذا كله في ظل الجمود على الجبهة الجنوبية. الخطة الأصلية للإدارة الأميركية بُنيت على وقف إطلاق نار يجري التوصل إليه بين إسرائيل و»حماس» قبيل شهر رمضان، في يوم الاثنين هذا الأسبوع. خلال عمليات وقف إطلاق النار السابقة بين إسرائيل و»حماس»، أوقف الأمين العام لحزب الله إطلاق النار من لبنان بصورة أحادية الجانب. وكان الأمل أن يجري هذا أيضاً هذه المرة، وأن يستطيع موفد الرئيس بايدن عاموس هوكشتاين استغلال الأسابيع الستة لعقد الهدنة القريبة، بحسب المخطط لها، من أجل التوصل إلى حل يُبعد عناصر حزب الله عن الحدود مع إسرائيل، ويعيد الهدوء إلى الجبهة، ويُرجع أيضاً سكان الشمال إلى منازلهم (وهذا ما يحتاج إليه حزب الله في ظل نزوح أكثر من 100 ألف مواطن لبناني غادروا منازلهم في الجنوب، وانتقلوا إلى «شمال البلد» جرّاء القصف الإسرائيلي).
لكن الوسطاء الأميركيين والمصريين والقطريين لم ينجحوا، حتى الآن، في تحقيق هدفهم في القطاع. الاتصالات بشأن صفقة مخطوفين جديدة لم تنضج بعد. في الجانب الفلسطيني، «حماس» راضية عن زيادة الإمدادات الإنسانية إلى القطاع خلال شهر رمضان (في ضوء الانتقادات الغربية الحادة لسلوك إسرائيل)، وعلى ما يبدو، لن يسارع الجيش الإسرائيلي إلى غزو رفح، في ضوء المعارضة الأميركية لمثل هذه الخطوة في التوقيت الحالي. أيضاً الجانب الإسرائيلي ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو لا يبدو أنهما مستعجلان للتوصل إلى صفقة، أو الموافقة على إعطاء المفاوضين الإسرائيليين حرية مناورة أكبر.
والنتيجة استمرار القتال في غزة، لكن بوتيرة منخفضة، من خلال وجود محدود للقوات الإسرائيلية (خمسة إلى ستة ألوية فقط)، ومن دون وجود للوحدات في شمال القطاع. ونقطة الضغط الأساسية على الحكومة هي تلك المتعلقة بوضع المخطوفين الذي يزداد تفاقماً، لكن حركة الاحتجاج [لإطلاق المخطوفين] لم تنجح في أن تجرّ وراءها مشاركة جماهيرية واسعة النطاق.
في مقابل ذلك، وفي حين بدأ جزء من سكان مستوطنات «غلاف غزة» بالعودة إلى منازلهم، مع تراجُع خطر الصواريخ، يبقى في شمال البلد عشرات الآلاف من اللاجئين البعيدين عن منازلهم، ويزداد الضغط على الحكومة للعمل على إزالة التهديد. وفي أمر لا يمكن أن يحدث إلا في الحكومة الحالية، غرّد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في الأمس، مطالباً وزير الدفاع بشنّ حرب كبيرة ضد حزب الله فوراً. لقد كتب هذا الكلام كأن الوزراء لا يتحملون مسؤولية جماعية عن سياسة الدولة، وكأن القرار النهائي موجود في يد وزير الدفاع، وليس رئيس الحكومة.
ونتيجة الضغط لرؤية مزيد من النتائج، نشر الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي كلام قائد المنطقة الشمالية اللواء أوري غوردين، الذي جاء فيه أن أكثر من 300 عنصر من حزب الله قُتلوا، و750 أصيبوا بجروح على الحدود مع لبنان منذ بداية الحرب (يشمل غوردين في أرقامه نحو 60 ناشطاً من المسلحين من تنظيمات لبنانية وفلسطينية آخرين، وهو لا يحسب المدنيين اللبنانيين الذين قُتلوا في الهجمات). ونسبة الخسائر بين حزب الله وإسرائيل هي تقريباً واحد في مقابل 15 لمصلحة إسرائيل.
الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، المستاء من هذه الأرقام، يبدو أنه في هذه الأيام غيّر أسلوب العمل، وطلب تكثيف القصف الصاروخي الذي لم يبتعد عن الحدود في الشمال، حتى الآن. من المحتمل أن حزب الله يحضّر وسائل عمل أُخرى، من أجل تدفيع إسرائيل ثمناً أكبر.
لكن كما الوضع في الجنوب، فإن هذه الإنجازات العملانية ليست كافية لتهدئة الجمهور الإسرائيلي. والحقيقة الواضحة هي أن منطقة الحدود خلت من سكانها بأوامر من الجيش والحكومة منذ الأسبوع الأول للحرب. تسعى إسرائيل لتصحيح هذا الانطباع، ربما بواسطة التصعيد، وعدة «أيام من القتال» تزيد فيها عدد هجماتها، وعدد الأهداف. لكن ليس هناك ما يضمن أن تحقق هذه الخطوة هدفها وتؤدي إلى تراجُع حزب الله. في الوقت عينه، تزداد احتمالات خروج الأمور عن السيطرة، والدخول في مواجهة شاملة.
وكما العملية في رفح، فإن إدارة بايدن تتحفظ عن هذا السيناريو بشدة. ويحرص الرئيس الأميركي وطاقمه على الإدلاء بتصريحات إلى وسائل الإعلام، يومياً، يحذّرون فيها من التحركات الإسرائيلية، وينتقدون سلوك نتنياهو. كما أن تقديرات الاستخبارات الأميركية السنوية، التي نُشرت في الأمس، كانت متشائمة جداً إزاء الوضع الاستراتيجي لإسرائيل.
إذا ازدادت الانتقادات في البيت الأبيض للخطوات الإسرائيلية، مثل التهديد بالدخول إلى رفح، وزيادة حجم الهجمات في لبنان، فإن إسرائيل يمكن أن تدفع الثمن من خلال وقف فرض الفيتو الأميركي على القرارات التي تُتخذ ضد إسرائيل في مجلس الأمن، وربما أيضاً فرض قيود على شحنات السلاح والعتاد من الولايات المتحدة. ومن وجهة النظر الإسرائيلية، فمن المخيب للآمال أن تنتهج إدارة بايدن نهجاً احتوائياً إزاء عدائية إيران ووكلائها. إن الخطوات الأخيرة لنتنياهو لا تتماشى مع نهج بايدن، وخصوصاً في ضوء التقارير بشأن تفاقُم حدّة الأزمة الإنسانية في القطاع.

المصدر:هآرتس
اعداد: مؤسسة الدراسات الفلسطينية