صحافة أجنبية

19 كانون الثاني 2024 12:01ص من إعلام العدو: تضييقات الجيش في الضفة يدفع إلى إنتفاضة أخرى

حجم الخط
غدعون ليفي

ثلاث ساعات ونصف. ثلاث ساعات ونصف من جنين إلى طولكرم. خلال ثلاث ساعات ونصف، يمكن السفر إلى روما، أو إلى إيلات. لكن، في الضفة المحتلة، يمكن السفر بين مدينتين بصعوبة. هذا هو الوقت الذي احتجنا إليه للوصول إلى جنين من طولكرم، 35 كيلومتراً. فمنذ بداية الحرب، توجد في نهاية كل طريق في الضفة الغربية بوابة مغلقة. تطبيق «ويز» يرشدك إلى السفر عبرها، فحتى هذا التطبيق الذكي لا يعرف أنه توجد بوابة مغلقة في كل طريق.
إذا لم يكن هناك بوابة مغلقة، فيوجد حاجز يمرّر السيارات ببطء. وإذا لم يكن هناك حاجز يمرّر السيارات ببطء، فيوجد إذاً حاجز لا يمرّر السيارات بتاتاً. وإلى جانب محطة القطار العثمانية في سبسطية، يقف بعض جنود الاحتياط، ويمنعون المركبات حتى من المرور في هذه الطريق الترابية الفرعية. وإلى جانب مستوطنة «شافي شومرون»، يوجد جنود يسمحون بالسفر من الجنوب إلى الشمال، لكنهم يمنعون السفر في الطريق العكسية. لماذا؟ لا توجد إجابة. الجنود في الحاجز التالي يلتقطون صور سيلفي، والمركبات تنتظرهم للانتهاء من التقاط الصورة ومنحهم حركة اليد التي تسمح لهم بالمرور، وتغدو الأزمة أطول.
حاجز «عناب» الذي مررنا به صباحاً، تم إغلاقه أمام حركة المركبات في ساعات ما بعد الظهر. لا يمكن معرفة أي شيء. أمّا حاجز «حوارة» فإنه أيضاً مغلق، الخروج مغلق، كحال أغلبية المخارج من القرى إلى الشوارع الرئيسية. هكذا سافرنا هذا الأسبوع، كالصراصير في داخل قنينة، 3 ساعات ونصف من جنين إلى طولكرم، من أجل الوصول إلى الطريق 557 والعودة إلى إسرائيل.
هذه هي حياة الفلسطينيين في الضفة مؤخراً. وبحلول المساء، كانت تصطف على جانبَي الطريق في الضفة الغربية آلاف المركبات التي أوقفها أصحابها يائسين. وقفوا، لم يكن في اليد حيلة من شدة اليأس. يجب رؤية الخوف في عيونهم عندما يقتربون من الحاجز، فكل حركة غير صحيحة يمكن أن تؤدي إلى موتهم. يمكن أن تفجّرهم.
يمكن أن ينفجر الإنسان غضباً، وهو يرى أن إسرائيل تقوم الآن بكل ما يمكن لدفع الضفة إلى انتفاضة أُخرى. لن يكون هذا سهلاً، لا توجد في الضفة قيادة، ولا روح قتالية كالانتفاضة الثانية، لكن كيف يمكن ألّا تنفجر؟ نحو 150 ألف عامل كانوا يعملون في إسرائيل؛ الآن، لا يعملون منذ 3 أشهر. ويمكن أيضاً للإنسان أن ينفجر غضباً بسبب نفاق الجيش. قياداته تحذّر من أنه يجب السماح للعمال الفلسطينيين بالخروج إلى العمل، لكن الجيش هو الذي سيكون مسؤولاً عن الانتفاضة الفلسطينية في حال اندلعت. المشكلة ليست اقتصادية فقط.
بغطاء الحرب، وبمساعدة حكومة اليمين المتطرف، قام الجيش بتغيير سلوكه في الضفة بشكل خطِر؛ يريد غزة في الضفة. المستوطنون يريدون غزة في الضفة لدفع الفلسطينيين خارجاً، والجيش يدعمهم. المعطيات صعبة: بحسب معطيات الأمم المتحدة، قُتل في الضفة 344 فلسطينياً، بينهم 88 طفلاً. 8 أو 9 منهم قُتلوا على يد المستوطنين. وفي الفترة نفسها، قُتل في الضفة وفي شرقي القدس 5 إسرائيليين، 4 منهم على يد قوات الأمن.
سبب ذلك أن الجيش بدأ يستعمل في الأشهر الماضية القصف من الجو من أجل القتل في الضفة، كما في غزة. على سبيل المثال، في 7 كانون الثاني/ يناير، قتل الجيش 7 شبان على طريق بجانب جنين، بعد أن قام أحدهم، كما يبدو، بإطلاق عبوة على جيب تابع للجيش. ارتُكبت مجزرة: 7 شبان كانوا أبناء عائلة واحدة، 4 أخوة، وشقيقان، وابن عم. هذا لا يهمّ إسرائيل. الآن، الجيش يقوم بنقل قوات من غزة إلى الضفة: وحدة «دفدوفان» باتت هناك؛ و»كفير» في الطريق. سيعودون إلى الضفة، مسمّمين من القتل الذي لا يفرّق في غزة، ويريدون الاستمرار في عملهم العظيم أيضاً في الضفة.
إسرائيل تريد انتفاضة. من الممكن أن تحصل عليها أيضاً. المهم ألّا تبدو متفاجئة حين تحدث.

المصدر: هآرتس
اعداد: م . د . ف