بيروت - لبنان

اخر الأخبار

صحافة أجنبية

18 نيسان 2024 12:00ص من إعلام العدو .. لا تحالف أميركي ــ إسرائيلي ــ عربي ضد إيران

حجم الخط
ميخائيل ميلشتاين

إن إحباط الهجوم الإيراني هو إنجاز عسكري مبهر من دون أي جدل، لكن النقاش الإسرائيلي بشأن تداعيات الحادثة يعكس خروجاً عن التوازن، بالإضافة إلى عدم وجود استراتيجيا متماسكة، فضلاً عن محدودية في تفكيك رموز منطق اللاعبين في المنطقة، وهذه مشكلة جوهرية تمثلت في تقصير 7 تشرين الأول/أكتوبر.
ويتحرك النقاش الإسرائيلي بين قطبَين.  الشرخ الذي خلّفه 7 تشرين الأول/أكتوبر، المترافق مع الحائط المسدود المعيق فيما يتعلق بالحرب في غزة، وصفقة المخطوفين، وحرب الاستنزاف في الشمال. وبعد التراجُع في مكانة إسرائيل الدولية، انتقلت إسرائيل مؤخراً إلى حال من النشوة في اطارها رأى البعض أن إحباط الهجوم الإيراني هو بمثابة ضربة قاتلة لإيران وبداية نظام إقليمي جديد.
وقبل أن تتحول هذه المشاعر إلى نظريات، يجب أن نجري تحليلاً متوازناً ونقدياً. أولاً، من المهم، إلى جانب الإنجاز المذهل على المستوى الدولي والتاريخي، أن يتم فحْص الظلال الكامنة في الهجوم الإيراني. فقد بادرت طهران إلى هجوم غير مسبوق، وأظهرت جرأة كبيرة (على الرغم من تحذير بايدن)، وشعرت بأنها غيّرت المعادلة بين الدولتَين. كما جسدت الحادثة ارتباط إسرائيل بالمساعدة الخارجية، وإلى حد ما أظهرت التآكل الذي طرأ على قوة ردعها بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر.
أمّا التوازن الثاني، فيتعلق بالحديث عن نشوء «ائتلاف إقليمي جديد» بعد الهجوم، والذي يتمحور حول عدو مشترك، وهو إيران. حتى الآن، إسرائيل هي الوحيدة التي تستخدم مصطلح «ائتلاف» في وصف التعاون غير المسبوق الذي شاركت فيه بعض الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بالإضافة إلى دول عربية. وهناك في إسرائيل مَن ذَهَبَ بعيداً في الكلام عن بداية تحوُل استراتيجي، أو انتقال من العزلة العميقة التي خلفتها الحرب في غزة إلى التأييد والشرعية الدولية بعد الهجوم الإيراني، واعتبار ما حدث نقطة تحوُل تاريخية من المتوقع أن تحدد الآتي.
لقد كانت للأردن مساهمة في هذا السياق، لكن هذه المساهمة تدل أيضاً على أن الائتلاف الإسرائيلي – الغربي – العربي ضد إيران لا يزال رؤية بعيدة.  وقد ادعى الأردن رسمياً أنه عمل ضد «أجسام طائرة» تسللت إلى أراضيه، وامتنع من وصف أن يكون لذلك علاقة بإسرائيل... لكن الذين يبالغون في وصف «التحالف الشجاع» الذي ظهر يتعين عليهم أن يفهموا أن وراء المشاركة في الاعتراض توجد مصالح وجودية للمملكة التي تخشى تصاعُدَ تهديد إيران التي تحاول استغلال أراضيها من أجل الدفع قُدُماً بصراعها ضد إسرائيل.
وعلى الرغم من أن أغلبية دول المنطقة ترى في إيران عدواً أخطر من إسرائيل، فإنه ليس هناك حاكم عربي يخاطر بالحديث عن هذا علناً، الأمر الذي يعرّضه إلى تهديد مباشر من طرف طهران، أو يؤلب الجماهير ضده التي تواصل إظهار عدائها العميق لإسرائيل. والعكس هو الصحيح؛ فأغلبية الحكام في المنطقة يواصلون سياسة المصالحة مع طهران، انطلاقاً من الفهم القائل إنه من الأفضل التحاور معها بدلاً من الاعتماد على الولايات المتحدة في استئصالها. وفيما يتعلق بإسرائيل، فإن عليها أن تدرك، كما في مسألة التطبيع مع السعودية، أنه سيكون من الصعب نشوء ائتلاف طالما هناك عقبات في الموضوع الفلسطيني، وفي طليعتها الحرب في غزة، والجمود في العلاقات مع السلطة الفلسطينية.
ومع تبدد النشوة، ستجد إسرائيل نفسها في مواجهة مشكلتَين استراتيجيتَين يجب حسمهما في أقل من نصف سنة: الصراع ضد «حماس» ومسألة المخطوفين، والواقع الناشئ في الشمال. إن الإنجاز الذي تحقق يوم السبت لم ينعكس في أي من هذَين التحديَين، وطبعاً لم يؤدِ إلى اختفائهما.
وعلاوة على ذلك، فمن الضروري أن نفهم أن المواجهة اندلعت بعد أن فشلت إسرائيل مرة أُخرى في قراءة نيات «الآخر» (تحليل تداعيات اغتيال المسؤول الرفيع المستوى في الحرس الثوري في دمشق)، وهذه المشكلة تبرز الآن عبْر الاعتقاد الإسرائيلي أن طهران تعيش شعوراً بالفشل (بينما الوضع هو العكس)، وأن الدول العربية السنية متحمسة لتشكيل ائتلاف ضد طهران، وكل هذا في الوقت الذي ما زالت المواجهة فيه في غزة مستمرة.
هناك حاجة إلى معالجة الفجوة الناشئة في إسرائيل، والمتعلقة بالموضوعات المطروحة على البحث. إن التفوق التكنولوجي، كما ثبت، يسمح بتحقيق إنجازات عسكرية، لكنه لا يساعد في تفكيك أسرار تفكير «الآخر»، ولا يمكن ترجمته إلى ربح استراتيجي، ويمكن أن يتسبب بضرر كبير.

المصدر:يديعوت أحرونوت
اعداد: مؤسسة الدراسات الفلسطينية