صحافة أجنبية

19 شباط 2024 12:11ص من إعلام العدو: لبنان مرتبط بغزة وغزة مرتبطة بلبنان

حجم الخط
غيورا آيلاند

إن الارتباط بين الحرب في غزة والحرب الممكنة في لبنان أكبر مما يبدو لنا؛ فإذا استمرت الحرب في غزة أشهراً عديدة حتى «النصر الكامل»، فمن المؤكد تقريباً أن نواجه حرباً شاملة في لبنان في 2024. وفي المقابل، فإذا استطعنا التوصل إلى إنهاء الحرب في غزة في غضون أسابيع، فمن الممكن أن نحول دون نشوب حرب في الشمال، والتوصُّل إلى تسوية سياسية معقولة.
والتفسير واضح؛ إذ إن نصر الله ملزم - ليس فقط في التصريحات - بمواصلة المواجهة في الشمال ما دامت الحرب في غزة مستمرة. وإذا استمر هذا الوضع، فإن الحرب في لبنان ستصبح حينئذٍ أمراً لا مفر منه بسبب أحد من هذَين التطورَين: حدوث تدهور جرّاء تصعيد متبادل، أو قرار إسرائيلي تحت ضغط السكان في الشمال الذين جرى إجلاؤهم، بحيث يكون لا مفر من معركة شاملة بصورة استباقية. وعلى الرغم من الإغراء، فإنه يبدو أنه ليس من مصلحة إسرائيل دخول حرب شاملة مع لبنان هذه السنة، لذلك، فإن مصلحتنا هي إنهاء الحرب في غزة في أقرب وقت ممكن.
والسبيل لتحقيق هذَين الهدفَين هو إنهاء الحرب في غزة مع إنجاز كبير، وإعطاء فرصة معقولة لتسوية سياسية مع لبنان، تعتمد على الرصيد الأساسي لإسرائيل، وهو قدرتها على اتخاذ قرار إنهاء الحرب في غزة. وبدلاً من الرفض والتمسك بالشعار الفارغ؛ «النصر الكامل»، فإن إسرائيل تستطيع أن تطلب ثمناً مرتفعاً لقرارها إنهاءَ الحرب، يتضمن، في المرحلة الأولى كشرط وحيد، إعادة كل المخطوفين بسرعة نسبية.
لنأخذ على سبيل المثال موضوع رفح؛ فإن الجميع (مصر والأمم المتحدة وأكثر الدول العربية والغربية) يتخوفون من عملية عسكرية إسرائيلية عنيفة في هذه المنطقة الكثيفة سكانياً، ولذلك، فإنه يتعين على إسرائيل إعلان جاهزيتها لإنهاء الحرب إذا وافقت الكتائب الـ 4 لـ «حماس» الموجودة في رفح على الاستسلام. والأكثر من ذلك أننا لا نريد أن تستسلم لنا، إنما نريد أن تستسلم للجيش المصري، الذي سيدخل المدينة ويجمع السلاح ويضمن عدم المس بعناصر «حماس». يمكن لحركة كهذه أن تخدم جميع الأطراف الذين لهم صلة، باستثناء السنوار. وإن عدم وجود أي أفكار مبتكرة سياسية إسرائيلية سيؤدي إلى استمرار الحرب في غزة، وإلى حرب لا ضرورة لها في لبنان.
وعندما يكون المقصود إمكان حرب في لبنان، فهناك حاجة ماسة إلى إقناع الأميركيين بالأمر الذي يتناقض مع موقفهم؛ إذ إن الولايات المتحدة تعارض بشدة حرباً في لبنان، لكن في أوضاع معيّنة، يمكنها أن تقبل فكرة أن لا خيار آخر أمام إسرائيل، وأن الحرب الشاملة أمر حتمي، لكنها ستؤيد حرباً ضد حزب الله، لا ضد الدولة اللبنانية، وهذه ستكون بداية الكارثة؛ فإسرائيل لن تتمكن من هزيمة حزب الله في وقت وبثمن معقولَين، لأننا إذا انجررنا إلى معركة، فسنحاول القضاء فيها على 200,000 صاروخ لحزب الله، لكننا سننهار اقتصادياً قبل تحقيق ذلك. ومن جهة ثانية، ففي إمكان إسرائيل أن تدمر بسهولة البنى التحتية للدولة اللبنانية (الاتصالات والطاقة وطرق المواصلات)، وتحويل بيروت إلى مدينة خراب، وهذا بالتحديد ما يخافه نصر الله؛ إذ طوال أعوام وهو يقدّم نفسه بصفته الوطني اللبناني، ويقدّم حزبه على أنه درع لبنان، وسيشكل تدمير الدولة اللبنانية كارثة بالنسبة إليه. لذا، فإن هذه هي الوسيلة الوحيدة للتحذير من الحرب، التي إذا نشبت وانتصرنا فيها خلال وقت معقول، فإنها ستكون حرباً بين إسرائيل والدولة اللبنانية. إن الموعد الصحيح للتوصُّل إلى تفاهم مع الأميركيين بشأن هذه القضية هو اليوم، وإذا لم يجرِ ذلك، وعلى مستويات عليا، فإننا سنكون في وضع صعب. وبالنسبة إلى هذا الموضوع، كما بشأن موضوع غزة، فإن الحروب لا تُخاض فقط بالقوة العسكرية، بل أيضاً تتطلّب عقلاً سياسياً، الأمر الذي نفتقر إليه كثيراً.

المصدر: يديعوت أحرونوت
اعداد م . د . ف