صحافة أجنبية

29 شباط 2024 12:02ص من إعلام العدو: ما هي الفجوات في المفاوضات مع «حماس» وماذا سيجري إذا تعقدت الصفقة؟

حجم الخط
جوناتان ليس جاكي خوري

تعمل إسرائيل و»حماس» على استكمال صوغ صفقة لتحرير المخطوفين خلال شهر رمضان. وبالاستناد إلى مصادر أجنبية، الأطراف مهتمون بالتوصل إلى الصفقة قبل 10 آذار/مارس، اليوم الذي يبدأ فيه شهر رمضان، لكن من المحتمل أن يؤدي ظهور عقبات إلى تأخير موعد التوصل إلى الصفقة إلى فترة العيد. ما هي الأمور التي جرى الاتفاق بشأنها في الاتصالات، وما هي الفجوات؟ وماذا سيجري إذا تعقدت الصفقة؟ «هآرتس» ترد على كل هذه الأسئلة.

ماذا سيجري إذا لم يتم التوصل إلى صفقة قبل رمضان؟

تطالب «حماس» بربط تحرير الأسرى الفلسطينيين بفرحة العيد، في محاولة منها لخلق موجة تأييد جماهيرية كبيرة لكفاحها. وتخوفت مصادر أجنبية من عدم تمكُّن الطرفين من التوصل إلى صفقة قبل العيد، وأن تفقد «حماس» حماستها للعملية، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تبدُّد فرص إطلاق المخطوفين في الفترة القريبة. لقد حدد الطرفان رمضان كموعد محتمل للصفقة قبل بضعة أسابيع، ووفقاً لدبلوماسي أجنبي، إن السبب هو مماطلة الطرفين في اتخاذ القرار.  لقد أعربت مصادر مطّلعة على المفاوضات في الأيام الأخيرة عن تفاؤلها حيال إمكان تجسير الفجوات قبل العيد، في الأساس بسبب رغبة «حماس» في التوصل إلى الصفقة في موعد محدد، لكن هذه المصادر أوضحت أن في استطاعة الطرفين تأجيل المخطط و»تفجير» الصفقة.

هل يوافق الطرفان على صفقة تجري على دفعات؟

سلسلة التسريبات التي تتعلق بالخطوط المحتملة للصفقة تدل على عدم وجود فجوة مهمة بين الطرفين بشأن الطريقة التي ستجري فيها عملية إطلاق المخطوفين. على ما يبدو، سيجري ذلك على دفعتين، في مقابل هدنة مستمرة للقتال، يُطلق خلالها سراح عدد من المجموعات المحتجزة لدى «حماس». النساء والمتقدمون في السن والمرضى والجرحى، سيُطلق سراحهم ضمن الدفعة الأولى، وتريد إسرائيل أيضاً إطلاق سراح 5 جنديات في هذه الدفعة، وعدم بقاء نساء في أسر «حماس». المجموعات الأُخرى التي سيُطلق سراحها دفعة واحدة، أو أكثر، ستشمل شباناً وجنوداً وجثامين. الخلاف بين الطرفين هو بشأن وقف إطلاق النار، وإعادة انتشار قوات الجيش الإسرائيلي خارج مناطق القتال؛ ومسألة عودة الفلسطينيين إلى شمال القطاع، وهوية الأسرى الفلسطينيين الذين سيُطلَق سراحهم.

هل من الممكن أن تتعقد الصفقة؟

التخوف الكبير في إسرائيل ولدى الوسطاء هو من قيام «حماس» «بتفجير» الصفقة، بعد إطلاق سراح قسم من المخطوفين فقط. وبحسب مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى، «حماس تنظيم ’إرهابي’ وسبق أن خرق الاتفاق السابق عندما رفض تنفيذ الدفعة الأخيرة، وإطلاق سراح النساء والأطفال. ’حماس’ تعتبر المخطوفين، وخصوصاً الجنود، بطاقة التأمين الأكثر أهمية من أجل ابتزاز إنجازات من إسرائيل والمحافظة على حياة كبار مسؤوليها. وإذا سارعت الحركة إلى إطلاق سراح الجميع، فستخسر الضمانات من أجل تحقيق إنجازات. ويجب عدم استبعاد محاولة الحركة الاحتفاظ بعدد من المخطوفين لمراحل لاحقة».

ماذا تريد «حماس»؟

تصرّ «حماس» على المطالبة بأن يشمل كل مخطط جديد لإطلاق المخطوفين وقفاً كاملاً لإطلاق النار وإنهاء الحرب، ودخولاً فورياً للمساعدات الإنسانية. الضغط من جانب المدنيين في القطاع، الذين يعانون جرّاء الجوع المتصاعد، أعطى في الأسابيع الأخيرة مسألة المساعدات الإنسانية الأولوية، بالنسبة إلى الحركة. وفي الأيام الأخيرة، اشترطت «حماس» مواصلة المفاوضات بدخول المساعدات إلى شمال القطاع، كما طالبت بعودة النازحين إلى هناك، وتوفير حلول وأماكن سكن موقتة.

من هم اللاعبون المركزيون في المفاوضات؟

رئيس الحكومة ووزير الخارجية القطري محمد آل ثاني هو الشخصية الأكثر تأثيراً في المساعي الجارية من أجل بلورة الصفقة بين «حماس» وإسرائيل. وللمسؤول القطري علاقات جيدة مع مسؤولين رفيعي المستوى في إسرائيل، بينهم رئيس الموساد ديفيد برنياع، الذي يقود الاتصالات عن الجانب الإسرائيلي. تملك قطر وسيلتين للضغط على «حماس» في الصفقة الحالية: الأولى، أن القيادة السياسية للحركة وجدت ملاذاً لها في قطر. والثانية، هي المحفظة المفتوحة للإمارة التي ساعدت «حماس» على ترسيخ حُكمها في غزة حتى الآن، والتي من الممكن أن تتحول إلى مصدر أساسي لتمويل إعادة إعمار القطاع في اليوم التالي للانسحاب الإسرائيلي.
بالإضافة إلى الاتصالات المستمرة بين الطرفين، عُقدت 4 قمم في الشهرين الأخيرين، شارك فيها رئيس السي آي إي وليام بيرنز، ورئيس الاستخبارات المصرية عباس كامل، وكان هدفها مساعدة الطرفين على إنقاذ الاتصالات العالقة وصوغ خطوط أولى متفّق عليها من أجل المضي قدماً.
وعلى الرغم من الدور الأساسي الذي تؤديه قيادة «حماس» في قطر في الاتصالات، فإن قيادة «حماس» في غزة هي التي توافق على الصفقة، أو ترفضها، مع العلم بأن صلتها الأساسية هي مع يحيى السنوار، وتكون أكثر تعقيداً خلال ذروة القتال.

ما هو حجم مشاركة نتنياهو في المفاوضات، وما هو دور «الكابينيت»؟

رئيس الحكومة وأعضاء «كابينيت» الحرب هم الذين يحددون أهداف المفاوضات وحدودها: عدد الأسرى الفلسطينيين الذين توافق إسرائيل على إطلاق سراحهم (هم مئات، وليس آلاف الأسرى)، وهويتهم، ومدة وقف إطلاق النار، وأسس زيادة المساعدات الإنسانية. والحكومة هي التي توافق على الصفقة في نهاية الأمر، ونتنياهو بحاجة إلى الأغلبية من أجل الموافقة على إطلاق أسرى متهمين بجرائم قتل. ويحرص برنياع على تزويد وزراء «كابينيت» الحرب بالمستجدات بشأن تقدُّم المحادثات بين الطرفين، ومطالب الطرف الثاني، وهامش المناورة لدى الجانب الإسرائيلي.

مَن يشارك في المحادثات في قطر؟

ذهب إلى قطر وفد صغير محترف من رتبة صغيرة نسبياً، مهمته العمل من خلال الحوار غير المباشر مع «حماس» على استكمال النواحي التي لم يتم الاتفاق بشأنها في الصفقة. ومن المفترض أن يحدد الوفد أسماء المخطوفين الذين سيُطلقون في الدفعات المتعددة، والتأكد من أنهم أحياء. كما يتعين على الوفد وضع مخطط لتوسيع المساعدات الإنسانية للقطاع في إطار الصفقة. في المقابل، ليس من صلاحية هذا الوفد البحث في وقف إطلاق النار، أو انسحاب القوات الإسرائيلية، أو إعادة انتشارها.

إلى أي حد تؤثر التصريحات العلنية في الاتصالات؟

في الأشهر الأخيرة، عدد غير قليل من التصريحات العلنية هدفَ إلى مساعدة الاتصالات في الغرف المغلقة: المستوى السياسي حذّر من أن حملة عائلات المخطوفين التي تطالب بصفقة بأي ثمن، تساهم فقط في زيادة مطالب «حماس»؛ نتنياهو وغالانت يحرصان على التصريح بأن الضغط العسكري هو الذي سيدفع «حماس» إلى الموافقة على صفقة. أيضاً تصريحات رئيس الحكومة الأخيرة بشأن القيام بعملية عسكرية كبيرة في رفح، فُسّرت بأنها محاولة أُخرى لثني «حماس» عن مطالبها. من الصعب تقدير مدى تأثير كل هذا في الاتصالات الجارية بعيداً عن أنظار الجمهور، لكن عملياً، الخطوط الأساسية للصفقة التي يجري الحديث عنها الآن، مشابهة جداً للخطوط التي كشفتها التسريبات السابقة من المحادثات التي جرت بين الطرفين قبل نحو شهرين.
بالإضافة إلى ذلك، ووفقاً لمصادر أجنبية مطّلعة على المفاوضات الجارية، برزت أكثر من مرة فجوات بين تصريحات نتنياهو بشأن وجود عراقيل أمام تقدُّم الصفقة، وبين ما يجري فعلاً في الغرف المغلقة. «نتنياهو بحاجة إلى مواجهة الرأي العام الإسرائيلي، وأن يُظهر أن «حماس» لا تستطيع ابتزازه بإطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، وأن يظهر أمام عائلات المخطوفين بأنه يعمل من أجلهم، وإلاّ سيزداد الغضب الشعبي ضده. نتنياهو انتقد قطر أكثر من مرة لكي تزيد في ضغطها على «حماس»، حتى عندما لم يكن هناك حاجة إلى ذلك»، هذا ما قاله أحد المصادر.

رفضُ نتنياهو إرسال الوفد إلى القاهرة قبل أكثر من شهر، هل أثّر في المفاوضات؟

تختلف الإجابة باختلاف الجهة التي نطرح عليها السؤال. عائلات المخطوفين غضبت من القرار، وحذّرت من أنه يؤذي فرص التقدم في الصفقة. طبعاً، يعتبر نتنياهو أن قراره بشأن منع الوفد كان خطوة فعالة ساهمت في «المرونة» التي لاحظتها إسرائيل في موقف «حماس» بعد أسبوع على ذلك. في المقابل، ادّعت مصادر أجنبية في الأيام الأخيرة أن رفضَ نتنياهو إرسال الوفد لم يكن له أي تأثير حقيقي، لا سلباً ولا إيجاباً، لأن «الحوار المفيد» بين الأطراف استمر بقوة من وراء الكواليس في تلك الفترة.

المصدر: هآرتس
اعداد م . د . ف