صحافة أجنبية

قبيل انتهاء اجتماع المجلس المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، وزّع رئيس الحكومة على وزرائه وثيقة «اليوم التالي للحرب»، التي تشرح كيف سيبدو قطاع غزة بعد الحرب. لا تنطوي هذه الوثيقة على جديد، بحسب تعليقات أغلبية أعضاء مجلس الكابينيت، والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: لماذا استغرق إعداد مثل هذه الوثيقة كل هذا الوقت؟ لقد صرّح مصدر مسؤول في الكابينيت يوم أمس للقناة 12 بأن «نتنياهو لم يكتب الوثيقة إلا لتهدئة الأميركيين، أمّا فحواها، فيهدف إلى عدم إثارة غضب سموتريتش وبن غفير». وادّعى المصدر أيضاً أن نتنياهو يعلم بأن لا أحد يمكنه حُكم القطاع غير «حماس»، أو «فتح».

ما يتبقى الآن هو معرفة كيف سترد الولايات المتحدة على هذه الوثيقة، وكيف ستكون ردة فعل الدول العربية المعتدلة، التي تُجري المفاوضات بهدف التوصل إلى معاهدة تطبيع مع إسرائيل. ما يجب التشديد عليه هنا هو أن المرء عندما يقرأ وثيقة «اليوم التالي للحرب» التي صاغها نتنياهو، يشعر بأنها ليست سوى خلاصة لمؤتمراته الصحافية المتعددة، ولا تُعتبر مخططاً سياسياً.

لقد تحدث نتنياهو في وثيقته عن مسألة السيطرة الأمنية على القطاع، والتي تمثل، طبعاً، محل إجماع إسرائيلي، وأكد أن السيطرة ستتم بواسطة «جهات محلية ذات خبرة إدارية»، غير متماهية مع دول «إرهابية»، أو جهات مؤيدة «للإرهاب». هذا التوجه لم يُدهش أعضاء الكابينيت، فوزير الأمن يوآف غالانت استخدم مصطلح «جهات محلية»، وكذلك فعل أيضاً الوزير غانتس الذي صاغ مخططاً مماثلاً. بل إن نتنياهو نفسه أصدر في الغرف المغلقة توجيهاته إلى الجيش بتكليف هذه الجهات تنظيم المساعدات الإنسانية.

إحدى أهم المشاكل في هذه الورقة تتمثل في أن اسمها «اليوم التالي للحرب»، على الرغم من أنها لا تنظر إلى المدى البعيد، بل تكتفي بالتركيز على المدى القصير. فمن أجل تحديد ما الذي سيحدث فعلاً في اليوم التالي، يجب اتخاذ سلسلة من القرارات الصعبة، وعلى رأسها: من سيستولي على الحكم في قطاع غزة في نهاية المطاف؟ في هذه الأثناء، لا نعرف سوى من يُحظر عليهم استلام الحكم، من دون أن تكون لدينا أدنى فكرة عمّن يستحق استلامه.

عمّا قريب، سيبدأ مشروع تجريبي في حي الزيتون، وهو الحي الذي تهيمن عليه عشيرتان متماهيتان مع حركة «فتح». هاتان العشيرتان معروفتان بأنهما مخيفتان، بل إن «حماس» نفسها تخشاهما. هناك احتمال بأن تقود هاتان العشيرتان مسألة توزيع المساعدات الإنسانية في غزة، وهكذا سيكون في إمكان إسرائيل النظر فيما إذا كان نموذج حُكم القطاع بواسطة العناصر المحلية سيعمل فعلياً. إلّا إن هذا لا يزال غير كافٍ، فكل شخص عاقل يدرك أن أمثال هؤلاء ليسوا قادرين على إدارة القطاع، بل إن قدرتهم على المساعدة تتمثل في المساعدة على حل مشاكل محددة زمنياً. هذه القضية شديدة التعقيد، وهي تستوجب التفكير المعمق.

•من المهم هنا أن نضيف أن «اليوم التالي للحرب» ليس قريباً كما يتصور البعض. عملياً، يبدو أن الحملة العسكرية على رفح لن تبدأ قبل نهاية شهر آذار/ مارس، على الرغم من محاولات نتنياهو تسريع المخطط العسكري. سبب التأجيل هو أن حملة بهذا الحجم تستوجب تنسيقاً مع الأميركيين والتوصل إلى تفاهمات، إلى جانب التنسيق مع المصريين، وسلسلة من النشاطات داخل القطاع نفسه، فضلاً عن مسألة اللاجئين وإجلاء المدنيين المطلوب عن المنطقة. هذه الخطوة لا يمكن القيام بها من دون تخطيط كافٍ، ويجب أن تكون منظّمة، وأن تُدار بعناية.