بيروت - لبنان

اخر الأخبار

30 كانون الأول 2023 12:00ص آخر كلام في العام 2023

حجم الخط
مرّت عقود طوال عجاف على اللبنانيين وهم يُشيّعون الأيام باللعنات كلّ مساء، وتنتعش تمنياتهم مطلع كل نهار بأن يأتي يومهم هذا «بما لم تستطعه الأوائل» من استقرار وأمان ورغد عيش وراحة بال وكرامة وأمان وتفاهم ومحبة... وإرساء الانتماء غير المشروط إلى الوطن!
وبالنسبة إلى لقمة العيش، أمل اللبنانيون أن يَشبعَ «أكلة الجبنة» لربما يحظى الناس بفُتات يُقيم أودهم وأود عيالهم، ويُوقف هجرة فلذات أكبادهم.
أما بالنسبة إلى الوضع الداخلي، فقد انتظر الناس الغلابة «أن يَهْدِي الله» الزعماء والمتزعمين و«الزوعيميين» وأشباه الزعماء ومشاريع الزعماء والطامعين بالزعامة، وكل «من ركب على ظهرنا»... وأن يتركونا نهنئ بالعيش أشهراً قليلة، أو حتى أسابيع وأيام، من دون نكد ومُساجلات وجرّ البلد إلى الصدام وحافة الانفجار والتفكك... «عالصغيرة والكبيرة».
المصيبة أن الجميع ينتظر ويراهن على تطور الأحداث الإقليمية والدولية، وتطورات المواجهة المُسْتَعِرَة مع إيران، ونتائج سعي الموفدين والوسطاء... وربما مصير الحرب الروسية - الأوكرانية... وبالطبع معارك غزة!
وهكذا نحن... ننتظر طويلاً «فيض» الآخرين تجاهنا، و«فتات رضاهم». ويمرّ العمر قهراً وعُسراً، ومع ذلك ننتظر يوماً بعد يوم، وسنة تتبعها أخرى... في إطار مقولة «لعلّ وعسى»، و«غداً يوم آخر».
وكالأغنام البلهاء الصاغرة الذليلة... سرنا خلف زعيم زُقاقنا، وحيّنا، ومنطقتنا، ومذهبنا... وأعدنا انتخابه وتثبيت موقعه وسلطته (هو وعائلته وسليلته وأنسباؤه ومريديه واتباعه وأصدقاءه وأزلامه)، مثنى وثلاث ورباع وسُباع وتُساع، كي يُحسن التسلّط علينا والإمساك برقابنا... واغتصابنا!
لكن تبقى الحقيقة حقيقة، ولو علاها الصدأ والغبار والضباب والأوساخ، وغشيتها المغالطات والأكاذيب... وهي أن مستقبلنا ومستقبل أبنائنا وأحفادنا لا يجوز أبداً أن يصيغها الزعيم، ولا يجوز أبداً أن يصنعها الآخرون، ولا يجوز أبداً أن يكتبها الآخرون، ولا يجوز أبداً أن يصبغها الآخرون، وأن قدرنا بيدنا إذا شئنا ذلك، وإذا عقدنا العزم على ذلك، وما عدا هذا فهو وهمٌ وسرابٌ وخداعٌ وباطل.
أملنا بمعجزة أن يتمخض الشعب ويلد انتفاضة تُشعل تغييراً وثورة شاملة لا تُبقي ولا تذر من بنيان الفاسدين والطُّغَاة... ويبقى الرجاء الدائم في تدبير ربّ العالمين.
من صقيع الغُربة ووحدتها ووحشتها وخيباتها، من قلب حزين ملتاع مكلوم منفطر، أكتب آخر كلام في العام 2023... ويبقى الله هو الملاذ الأوحد والأعظم والأقوى، سبحانه لا يملّ من عباده رغم تقصيرهم وجحودهم.
واستودعكم الله الذي لا رجاء ولا مُغيث غيره.